بسم الله الرحمن الرحیم
المسائل السروية، ص: 71
المسألة الثامنة «1» الاختلاف في ظواهر الروايات
ما قوله أدام الله تعالى نعماءه فيمن تندس «2» طرفا من العلم و رفعت «3» إليه الكتب المصنفة في الفقه عن الأئمة الهادية «4» ع فيها اختلاف ظاهر في المسائل الفقهية كما وقع الاختلاف بين ما أثبته الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمه الله «5» في كتبه من الأخبار المسندة عن الأئمة ع و بين ما أثبته الشيخ أبو علي بن الجنيد رحمه الله «6» في كتبه من المسائل الفقهية المجردة عن الأسانيد.
__________________________________________________
(1) من هنا سقط من «أ».
(2) في «ب» و «ج» و «د»: سدد، و في «م»: سدله. و هما محرفتان، و تندس الخبر: تحرى عنه.
(3) في «د» و «م»: و وقعت.
(4) في «م»: الهادين.
(5) هو محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، شيخ الحفظة و رئيس المحدثين، المعروف بالصدوق، له نحو من ثلاثمائة مصنف، و هو استاذ الشيخ المفيد رضوان الله عليهما، ورد بغداد سنة 355 ه، و سمع منه شيوخ الطائفة و هو حدث السن، توفي بالري سنة 381 ه، و قبره فيها مزار معروف قرب ضريح السيد عبد العظيم الحسني.
رجال النجاشي: 389 ت/ 1049، تاريخ بغداد 3: 89، الكنى و الألقاب 1: 221.
(6) في «م» علي بن الجنيد، و هو محمد بن أحمد بن الجنيد، أبو علي الكاتب الإسكافي، من أكابر علماء الإمامية، و أدقهم نظرا، متكلم فقيه محدث أديب، روى عنه الشيخ المفيد-
المسائل السروية، ص: 72
هل يجوز أن يجتهد «1» رأيه و يعول «2» على ما هو الحق عنده و الأصوب لديه أم يعتمد على المسندات دون المراسيل.
الجواب أنه لا يجوز لأحد من الخلق أن يحكم على الحق فيما وقع فيه الاختلاف من معنى كتاب أو سنة أو مدلول دليل عقلي «3» إلا بعد إحاطة العلم بذلك و التمكن من النظر المؤدي إلى المعرفة.
فمتى كان مقصرا عن علم طريق ذلك فليرجع إلى من يعلمه و لا يقول برأيه و ظنه فإن عول على ذلك فأصاب الاتفاق لم يكن مأجورا و إن أخطأ الحق فيه كان مأزورا.
و الذي رواه أبو جعفر رحمه الله فليس يجب العمل بجميعه إذا لم يكن ثابتا من الطرق التي تعلق بها قول الأئمة ع «4» إذ هي أخبار آحاد لا توجب علما و لا عملا «5» و روايتها عمن يجوز عليه السهو و الغلط.
__________________________________________________
- و غيره، و قد حكي عنه القول بالقياس، و توفي سنة 381 ه.
رجال النجاشي: 385 ت/ 1047، رجال العلامة الحلي: 145 ت/ 35، الكنى و الألقاب 2: 26.
(1) في «د» يجهد، و في «م»: يحمد.
(2) في «م»: و يقول.
(3) زاد في «م»: لا يعمل به.
(4) إلى هنا سقط من «ب».
(5) في «ب» و «ج» و «د»: عملا و علما.
المسائل السروية، ص: 73
و إنما روى أبو جعفر رحمه الله ما سمع و نقل ما حفظ و لم يضمن العهدة في ذلك.
و أصحاب الحديث ينقلون الغث و السمين و لا يقتصرون في النقل على المعلوم «1» و ليسوا بأصحاب نظر و تفتيش و لا فكر فيما يروونه و تمييز فأخبارهم مختلطة «2» لا يتميز منها الصحيح من السقيم إلا بنظر في الأصول و اعتماد على النظر الذي يوصل إلى العلم بصحة المنقول.
فأما كتب أبي علي بن الجنيد فقد حشاها بأحكام عمل فيها على الظن و استعمل فيها مذهب المخالفين في القياس «3» الرذل «4» فخلط بين المنقول عن الأئمة ع و بين ما قاله برأيه و لم يفرد أحد الصنفين من الآخر.
و لو أفرد المنقول من الرأي لم يكن فيه حجة لأنه لم يعتمد في النقل المتواتر من الأخبار و إنما عول على الآحاد.
و إن كان «5» في جملة «6» ما نقل غيره من أصحاب الحديث ما هو معلوم و إن لم يتميز لهم «7» ذلك لعدولهم عن طريق النظر فيه و تعويلهم على النقل خاصة و السماع من الرجال و التقليد دون النظر و الاعتبار.
__________________________________________________
(1) في «م»: العلوم.
(2) في «م»: مختلفة.
(3) في «م»: و القياس.
(4) الرذل: الرديء.
(5) في «م»: و اما كانت.
(6) في «ب» و «ج»: حمله.
(7) في «م»: له.
المسائل السروية، ص: 74
فهذا ما عندي في الذي تضمنته «1» الكتب للشيخين المذكورين في الحلال و الحرام من الأحكام «2»
فصل الموقف من الروايات المختلفة الظواهر
و للشيعة أخبار في شرائع مجمع عليها بين عصابة الحق و أخبار «3» مختلف فيها فينبغي «4» للعاقل المتدبر أن يأخذ بالمجمع عليه «5» كما أمر بذلك الإمام الصادق ع و يقف في المختلف فيه ما لم يعلم حجة في أحد الشيئين منه و يرده إلى من هو أعلم منه و لا يقنع منه بالقياس فيه دون البيان على ذلك و البرهان فإنه يسلم بذلك من الخطإ في الدين و الضلال إن شاء الله.
و قد أجبت «6» عن كثير من الأخبار المختلفة في مسائل ورد «7» علي بعضها من نيسابور و بعضها من الموصل و بعضها من فارس و بعضها من
__________________________________________________
(1) في «ب» و «ج» و «د»: تضمنه.
(2) في «ب» و «ج»: و الفساد و الأحكام، و في «د»: و النساء و الأحكام.
(3) «و أخبار» ليس في «م».
(4) «فينبغي» ليس في «م».
(5) في «م»: عليها.
(6) في «ب» و «د»: أجيب.
(7) في «م»: ورد.
المسائل السروية، ص: 75
ناحية تعرف بمازندران «1» تضمنت مسائل القوم المذكورين أخبارا تختلف «2» ظواهرها في أنواع شتى من الأحكام.
و أودعت في كتاب التمهيد أجوبة عن مسائل مختلفة جاءت فيها الأخبار عن الصادقين ع و و بينت «3» ما يجب العمل عليه من ذلك بدلائل لا يطعن فيها و جمعت بين «4» معان كثيرة من أقاويل الأئمة ع يظن كثير من الناس أن معانيها تتضاد و كذا بينت اتفاقها في المعنى و أزلت شبهات المستضعفين في اختلافها.
و ذكرت مثل ذلك في كتاب مصابيح النور في علامات أوائل الشهور و شرعت «5» طرقا يوصل بها إلى معرفة الحق فيما وقع فيه الاختلاف بين أصحابنا من جهة الأخبار.
و أجبت «6» عن المسائل التي كان ابن الجنيد جمعها و كتبها إلى أهل مصر و لقبها بالمسائل المصرية و جعل الأخبار «7» فيها أبوابا و ظن أنها مختلفة في معانيها و نسب ذلك إلى قول الأئمة ع فيها بالرأي.
__________________________________________________
(1) هي مقاطعة كبيرة في بلاد إيران، تعرف قديما بطبرستان، تقع على الساحل الجنوبي لبحر قزوين، فيها عدة مدن كبيرة منها: آمل، و بابل، و گرگان.
(2) في «م»: و كل ذلك تتضمن مسائل مختلفة جاءت فيها الأخبار عن الصادقين عليهما السلام، و للقوم أخبار تختلف.
(3) في «ج»: و أثبت، و في «م»: و أفتيت.
(4) «بين» ليس في «م».
(5) شرع: أظهر و بين.
(6) في «ب» و «د»: و أجيب.
(7) في «م»: للأخبار.
المسائل السروية، ص: 76
و أبطلت ما ظنه في ذلك و تخيله و جمعت بين جميع معانيها حتى لم يحصل فيها اختلاف فمن ظفر بهذه الأجوبة و تأملها بإنصاف «1» و فكر فيها فكرا شافيا سهل عليه معرفة الحق في جميع ما يظن أنه مختلف و تيقن ذلك مما يختص بالأخبار المروية عن أئمتنا ع «2»
دفاع سید بحرالعلوم از ابن جنید:
فوائد رجالیه، ج 3، ص 205
المسائل الصاغانیه، ص 56-64
فصل ثمّ قال هذا الشيخ الجاهل و قد كان وصل إلى نيسابور في سنة أربعين و ثلاثمائة رجل من هؤلاء الرافضة يعرف بالجنيدي يدعي معرفة بفقههم و يتصنع بالنفاق لهم فسلموا إليه مالا كثيرا ليوصله إلى إمامهم الذين يدعون وجوده الآن و يحيلون في ذلك على السرداب و كان يذكر لهم أن بينه و بينه مكاتبة و أن مستقره بنواحي الحجاز . و حمل إليه إنسان منهم كان يعاملني في التجارة أخيرا مره سيفا بحلية ثقيلة له مقدار و أهدى إليه في خاصته ثيابا و بره بشيء من ماله و رأيت جماعة من رافضة نيسابور يكرمونه و يعتقدون فيه الصلاح. فخاطبت معاملي في استحضاره إلى منزله فحضر و قايسته فوجدته من أجهل الناس و أبعدهم عن طريق العلم و تقرب إلي بوفاق أبي حنيفة في مسائل و بالقول بالقياس في الأحكام و الرأي و لم يكن يحسن من ذلك كله شيئا. فعجبت لشدة غباوة هذه الفرقة و نفاق الجهال عليها لكن لا عجب مع ما هم عليه من الضلال عما تقتضيه العقول و توفيه شرائع الإسلام و اعتمادهم على التقليد و اعتقاد موت الأحياء و حياة الأموات.
فصل فقالوا له لسنا نثق بك فنصدقك فيما تحكيه و لا نعلم كيف جرت حال الرجل الذي ذكرت وصوله إلى نيسابور و يغلب في الظنّ تخرصك فيما ذكرت عنه من قبض مال الإمام و نحن أعرف به منك لحلوله معنا في البلد و في الجوار و وقوفنا على كثير من خفي أمره و لم نسمع عنه قط دعوى مكاتبة الإمام و لا العلم بمكانه من البلاد. و لو كان ادعى ذلك الموضع الذي ذكرت لم يخف ذلك و تظاهرت به الأخبار لمواصلة شيعة نيسابور و كثير من شيعة بغداد و مكاتبتهم بما يتعلق بالديانة و الاعتقاد و كان ذلك ينتشر عن هذا الرجل في الموافقين و أهل الخلاف كما انتشر عن غيره ممن ادعى هذا المقام كالعمري و ابنه و ابن روح من الثقات رحمهم اللّه و الحلاج و العزاقري و أمثالها من المبطلين المعروفين بالفسق و الخروج عن الإيمان. و لسنا ننكر أن يكون قد وصل أهل نيسابور هذا الرجل و أكرموه و أقاموا بما يجب له من حقوق الإخوان و قد عرفنا بر القوم له و ما كان يصل إليه من ناحية المشرق بعد عوده إلى بغداد ما كان يصون به وجهه عن البذلة و مسألة الناس و ليس في هذا عيب له و لا عليه فيه عار. و لو قد ذكرنا حيلة بعضكم على بعض في الأموال و صغر أنفس مشايخكم مع غناهم بالكفاية في الطلب و مسألة الناس و صلات بعضكم لبعض في عداوة أولياء اللّه لأطلنا به الكلام و شهرتكم في ذلك عند الكافة تغني عن تكلف الأخبار على التفصيل لا سيما مع القصد إلى الاختصار. فأما شهادتك بجهل الجنيدي فقد أسرفت بما قلت في معناه و زدت في الإسراف و لم يكن كذلك في النقصان و إن كان عندنا غير سديد فيما يتحلى به من الفقه و معرفة الآثار لكنه مع ذلك أمثل من جمهور أئمتك و أقرب منهم إلى الفطنة و الذكاء. فأما قوله بالقياس في الأحكام الشرعية و اختياره مذاهب لأبي حنيفة و غيره من فقهاء العامّة لم يأت بها أثر عن الصادقين عليهم السلام فقد كنا ننكره عليه غاية الإنكار و لذلك أهمل جماعة من أصحابنا أمره و أطرحوه و لم يلتفت أحد منهم إلى مصنف له و لا كلام. و هذا يدلّ على ضد ما ادعيت أيها الجاهل على الشيعة من الغباوة و التقليد للرجال لأنّه لو كان منهم خمسة نفر كذلك لاعترفنا به فيما أجبناه من خلاف الحق لسوء الاختيار و في إطراحهم له لذلك الإجماع على استرذاله فيه بيان لذلك فيما حكمت به عليهم من التقليد حسب ما قدمناه. فصل و أمّا سبك الإماميّة باعتقاد موت الأحياء و حياة الأموات فهو سفه محض لا نرى مقابلتك عليه صيانة لأنفسنا عن الدخول في السباب لكنا نسألك عن الأموات الذين ادعوا بزعمك حياتهم و الأحياء الذين اعتقدوا موتهم من هم من الناس فلا يجد شيئا يتعلق به عليهم في هذا الباب. اللّهمّ إلاّ أن يذكر الكيسانية و الممطورة و الغلاة فيبين تعمدك للعناد بإضافة مذاهب فاسدة إلى قوم يبرءون إلى اللّه منها و قد جردوا الحجج في الرد على القائلين بها و باينوهم في الظاهر و الباطن و على كل حال. و تذكر قولهم بوجود ولد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام يعتقدون حياته للآن و غيبته للتقية الموجبة للاستتار. فتظهر بذلك جهلك و نقصانك لاعتقادك أنّه لم يوجد هذا الشخص في العالم قط فكيف يكون ميتا فيعتقد القوم حياته أو حيا فيدينون بموته هل هذا إلاّ اختلاط ممن قاله و هذيان. فصل ثمّ قال هذا الشيخ الضال فكان ممّا قايست هذا الرجل فيه أمر المتعة و أحكامها عنده فقال هي في عقيدتي حلال مع الاضطرار إليها و حرام مع الاختيار. قال فقلت له و أي ضرورة تدعو إلى الالتذاذ بالنكاح يدعي الضرورة من يعرف الاختيار و الاضطرار. فقال من الناس من تدعوه الشهوة للجماع و ليست له زوجة و لا ملك يمين و لا يقدر على ابتياع أمة و لا له طول النكاح غبطة فإذا لم يستمتع اضطر إلى الفجور. قال فقلت له إن دعته شهوته إلى ذلك في بلد لا يجد فيه من يستمتع بها من النساء و وجد من يطاوعه على الزناء أ يحل له ذلك مع الاضطرار فقال لا فقلت له و لم و الضرورة نازلة به و قد أحل اللّه تعالى عندها ما حرمه مع الاختيار قال ثمّ قلت له أ رأيت إن دعته الشهوة إلى ذلك في مكان ليس فيه امرأة ما ذا يصنع مع الاضطرار. فقال يصبر بالضرورة قال فقلت له و إذا دعته الحصورة ، أ يتلف نفسه أو يمنعه من العمل و العبادات. قال لا فقلت له فيكون بطل قولك إن الشهوة تضطر إلى ما حرمه اللّه عزّ و جلّ من الجماع مع الاختيار و بان أنّه تخرف في قولك و دعواك. فلم يرد جوابا و تشاغل بالثناء على أصحابنا القائسين و قال فلأجل قولكم بمثل هذا المقال على أصحابي قلت بالقياس و خالفت أصحابي كلهم في اعتقادهم فيه. فضحكت من تبريه إلي و مصانعته لي و حمدت اللّه على ما أولى. فصل فيقال له هذه الحكايات جارية مجرى الخرافات و لسنا من الأخبار ما هذا سبيله عن الناس في شيء لا سيما و المخبر به عدو متعصب ظاهر التخرص و الافتراء. مع أنّه لو كان الجنيدي قد قال بما حكيت عنه و لم يرد فيه و لم ينقض فهو من جنس ما كنا ننكر عليه من الهذيان و ليس علينا عهدته في غلطه لما قد بينا خطأه و زايلناه كما أنك لا عهدة عليك في تجاهل من اعتزى إلى أبي حنيفة في الفقه و تصدى للفتيا به و هو في البهيمية كالحمار ممن إن ذكرناه طال بذكره الكلام و حسن العشرة أيضا يمنعنا من تسميتهم و نقضهم في المصنّفات و ذكر حماقاتهم في القول و جهالتهم في التعليل للأحكام و لو لا ذلك لسمينا من ببغداد منهم جماعة ممن يعتزي أيضا إلى مالك و الشافعي و داود فضلا عمن هو مقيم منهم بغيرها من البلاد لا سيما بأرض خراسان فإنهم أغمار في معنى البهيمية و إن كانوا في صورة الناس. فصل قال الشيخ الناصب و ممّا استفهمت عن الجنيدي قولهم في تسمية المتعة بزوجة. فقال لا نسميها بذلك قال قلت فيقع بها طلاق أو ظهار أو إيلاء أو لعان قال لا يقع بها شيء من ذلك قال قلت فكيف تستحلون وطء امرأة ليس لها من الحرمة بالنكاح ما تتعلق به الأحكام ممّا عددناه فعاد إلى أن يقول إنّما أحللناها عند الاضطرار كما تحل الميتة و الدم و لحم الخنزير للاضطرار. قال فقلت له قد مضى الكلام في هذا المعنى و لا فائدة في تكراره على من لا يعقل معناه قال ثمّ قلت له فالولد يلحق منها بالرجل فقال عندنا أنّه يشترط ما يمنع عنه من عزل الماء قال فقلت له فإن لم يشترط ذلك أ يفسد بتركه النكاح فقال لي في ذلك نظر و اجتهاد قال فأعرضت عنه حتّى انصرف ثمّ عاتبت معاملي على اغتراره به فقال هو رجل صالح و ليس من أصحاب الكلام فقلت يعز علي بما أخرجته عن يدك إليه ما لو عدت به على نفسك و عيالك أو صرفته إلى الفقراء كان أحسن بك و أجمل عند اللّه عزّ و جلّ فقال خذ في غير هذا فإني لا أترك ما أنا عليه بموعظتك لأنني لا أستنصحك فيها و إن أستنصحك في غيرها من الأشياء قال فقلت له قد أديت ما يجب علي لك لكنك من قوم لا ينفع فيهم الوعظ و لا يرعوون بالعتاب. فصل فيقال له ما نرى فصلك هذا أكثر من الحكايات الجارية مجرى الأسمار و أنت متهم فيما ادعيت على الجنيدي من المقال متهم و ظنين في دعواك و ليس ما حكيت عن هذا الرجل مذهبا للشيعة و مذهبهم في كل فصل ما قدمناه غير أنك أظهرت ما كان في نفسك من الحسد للمسكين على ما صار إليه من البر و غبطته عليه و ودت أنّه كان صائرا إليك فأبى اللّه إلاّ أن يحرمك إياه و ردّ المعامل لك موعظتك من واقع موقعه لأنك لم ترد اللّه عزّ و جلّ و لا صدقت أيضا فيها بل كذبت فأراه اللّه تعالى بما وفق له المرء المسلم من المعرفة ببطلانها و الإهمال لها و الإطراح
جواهر الکلام، ج 1، ص 419
[في عدم ناقضية لمس المرأة و أكل ما مسته النار]
و لا لمس امرأة و لا أكل ما مسته النار لم ينقل عن أحد فيه خلاف حتى ابن الجنيد، و الأصول و الأخبار و الإجماعات دالة عليه، فلا نطيل الكلام بذلك.
جواهر الکلام، ج 5، ص 62
[منها غسل دخول مسجد النبي (صلى الله عليه و آله)]
و غسل دخول مسجد النبي (صلى الله عليه و آله) ل قول الباقر (عليه السلام) في خبر ابن مسلم : «و إذا أردت دخول مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله)» و إجماع الغنية المعتضد بما سبق من الوسيلة أيضا، و في الموجز كما عن شرحه و نهاية الأحكام زيادة دخول مشاهد الأئمة (عليهم السلام) في الأغسال المكانية بعد أن ذكروا استحبابه للزيارة، و جعلوه من الغسل للفعل، و هو أعم من الزيارة إذ يكون لها و لغيرها، و لم نعرف له شاهدا سيما إذا أريد البلد، إلا فحوى ثبوته للمدينة و مكة و مسجديهما، و كذا ما يحكى عن أبي علي من استحبابه لكل مشهد أو مكان شريف، كقوله ذلك أيضا في الزمان لكل زمان شريف، و لكل فعل يتقرب به إلى الله، و غير ذلك، و لعله لحجية القياس عنده، فتأمل.
جواهر الکلام، ج 6، ص 89-90
القول الثاني في أحكام النجاسات تجب شرعا و شرطا أو شرطا لا شرعا إزالة عين النجاسات و ما يتنجس بها كالماء و نحوه بالمزيل الشرعي من غسل و نحوه، أو العقلي كالقرض و الإحراق و نحو هما عن ما تنجس بها من الثياب المعتاد لبسها أولا كالتستر بلحاف و نحوه، عدا ما استثني من القلنسوة و نحوها مما سيأتي و ظاهر البدن حتى الظفر و الشعر منه للصلاة الواجبة أو المندوبة، لاشتراط صحتها بذلك بالإجماع محصله و منقولة في السرائر و الخلاف و المعتبر و غيرها بل و النصوص الدالة على إعادة الصلاة من البول و المني و الخمر و النبيذ و الدم و عذرة الإنسان و السنور و الكلب و نحوها المتممة بعدم القول بالفصل. بل ربما لاح من الأخبار ثبوت الإعادة من مطلق النجاسة، و حكمها كعينها إجماعا، و قليلها ككثيرها عدا الدم على ما سيأتي، لإطلاق الأدلة المعتضدة بإطلاق الفتاوى و معاقد الإجماعات بل و بصريحها من غير الإسكافي كما حكاه في التذكرة و غيرها، فقال على ما في المختلف: «كل نجاسة وقعت على ثوب و كانت عينها مجتمعة أو متفرقة دون سعة الدرهم الذي يكون سعته كعقد الإبهام الأعلى لم ينجس الثوب بذلك إلا أن يكون النجاسة دم حيض أو منيا، فان قليلهما و كثيرهما واحد» انتهى. و هو ضعيف جدا مخالف لما عرفت و تعرف، مع أنه لا مستند له إلا القياس على الدم، بناء على حجيته عنده المعلوم بطلانها بضرورة مذهب الشيعة.