سال بعدالفهرستسال قبل

بسم الله الرحمن الرحیم

جواد بن محمد الحسني الحسيني العاملي-مفتاح الكرامة(1164 - 1226 هـ = 1751 - 1811 م)

السید جواد بن محمد الحسني الحسيني العاملي-مفتاح الكرامة(1164 - 1226 هـ = 1751 - 1811 م)
كلام مفصل مفتاح الكرامة
تواتر نقل اجماع بر تواتر قرائات سبع-مفتاح الکرامة
فرع من مفتاح الكرامة-تحقيق و تعليق-تواتر نقل الاجماع علی تواتر السبع


الأعلام للزركلي (2/ 143)
العامِلي
(1164 - 1226 هـ = 1751 - 1811 م)
جواد (أو محمد جواد) بن محمد ابن محمد بن حيدر الحسني الحسيني العاملي: فقيه إمامي، له شعر استقر في الغري، وصنف كتبا أهمها (مفتاح الكرامة - ط) فقه، ثمانية أجزاء (2) .
__________
(2) رجال الفكر 302 وروضات 157 وسركيس 1265.





أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 288
السيد جواد و يقال محمد الجواد بن محمد بن محمد الملقب بالطاهر بن حيدر ابن إبراهيم بن احمد بن قاسم الحسيني العاملي الشقرائي المولد النجفي المسكن و المدفن صاحب مفتاح الكرامة
مولده و وفاته‏
ولد في قرية شقراء من قرى جبل عامل حدود سنة 1164 و توفي في النجف الأشرف سنة 1226 و قد صرح في أواخر بعض مجلدات مفتاح الكرامة الذي فرغ منه سنة وفاته 1226 انه يومئذ في عشر السبعين و دفن في بعض حجر الصحن الشريف في الصف القبلي المقابل لوجه أمير المؤمنين (ع) على يمين الخارج من باب القبلة و الداخل من باب الفرج الغربي بوصية منه لرؤيا رآها و قبره هناك مشهور مزور.
نسبه‏
الصواب في نسبه ما مر في صدر الترجمة اما ما في ترجمته الملحقة بمتاجر مفتاح الكرامة و بالقسم الأول من الرحيق المختوم من إسقاط اسم حيدر و إبراهيم بين محمد الثاني و احمد فغير صواب و يتصل نسبه الشريف‏
أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 289
بالحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع. و يصف نفسه في مصنفاته كما وجدناه بخط يده الشريف بالحسيني الحسني الموسوي و انتسابه إلى الحسن و موسى ع من جهة أمهاته و جداته. و هو ابن أخي السيد أبي الحسن موسى جدنا الشهير في جبل عامل باني مسجد شقراء الكبير و مدرستها فان السيد حيدر والد السيد أبي الحسن كان له من الولد ستة ذكور و ابنتان كتب أسماءهم و تاريخ ولادتهم بخطه على بعض كتبه و أثبتنا ذلك في القسم الأول من الرحيق المختوم ص 353 و من جملتهم محمد الملقب بالطاهر و هو أكبرهم ولد في 29 جمادى الثانية سنة 1130 و المترجم هو حفيده فهو محمد الجواد بن محمد بن محمد المذكور فعلم انه ابن ابن أخيه فما في كتاب جواهر الحكم من انه ابن أخي السيد أبي الحسن مبني على التسامح في تسمية ابن الابن ابنا و الا فهو ليس ابنه لصلبه بل ابن ابنه.
و لكن الذي في كتاب نظم اللآل في علم الرجال للسيد محمد الهندي النجفي ان المترجم له هو ابن عم السيد أبي الحسن موسى لا ابن أخيه و عليه فيكون الصواب في نسبه انه محمد الجواد ابن محمد بن محمد بن [حمد] احمد إلخ.
سافر المترجم إلى العراق مع عم أبيه أو ابن ابن عمه السيد حسين بن أبي الحسن موسى و معهما السيد حسن بن أبي الحسن موسى و لا ندري ان الجد السيد علي سافر معهما أو بعدهما لكنه اجتمع معهما في النجف عدة سنين بقينا و توفي المترجم قبل السيد حسين بأربع سنين و اما السيد حسن فذهب إلى قم كما ياتي في ترجمتهما ان شاء الله تعالى.
أقوال العلماء فيه‏
كان عالما فقيها أصوليا محققا مدققا ثقة جليلا حافظا متبحرا قارئا مجودا ماهرا في الفقه و الرجال و غيرهما زاهدا عابدا متواضعا تقيا ورعا مجدا مجتهدا متتبعا لأقوال الفقهاء مطلعا على آرائهم و فتاواهم عمدة في جميع ذلك حافظا متبحرا حسن الخط لم ير مثله في علو الهمة و صفاء الذات و الضبط و الإتقان و التتبع و الجد في تحصيل العلم و كان حريصا على كتابة كل ما يسمعه من نفائس التحقيقات.
و قال المحقق البهبهاني في اجازته له: استجاز مني العالم العامل و الفاضل الكامل المحقق المدقق الماهر العارف ذو الذهن الوقاد و الطبع النقاد مولانا السيد السند السيد محمد الجواد. و قال المحقق القمي في اجازته له بخط يده الشريف: استجازني الأخ في الله السيد العالم العامل الفاضل الكامل المتتبع المطلع على الأقوال و الأفكار الناقد المضطلع بمعرفة الأخبار و الآثار السيد جواد العاملي ادام الله إفضاله و كثر في الفرقة الناجية أمثاله" انتهى". و ذكره صاحب الجواهر عند ذكره الرسائل الموضوعة في المضايقة و المواسعة فقال: كرسالة المولى المتبحر السيد العماد استاذي السيد محمد جواد و ذكره صاحب روضات الجنات فقال: كان من فضلاء الأواخر و متتبعي فقهائهم الأكابر و قد أذعن لكثرة اطلاعه و سعة باعه في الفقهيات أكثر معاصرينا الذين أدركوا فيض صحبته بحيث نقل ان الميرزا أبا القاسم صاحب القوانين كان إذا أراد تشخيص المخالف في مسألة يرجع اليه فيظفر به. و قال في ترجمة الميرزا القمي انه كان يرجع في مسائل الفقه عند شكه في وجود خلاف في المسألة إلى سيدنا الفقيه المتتبع السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة أيام إقامته عنده و نزوله عليه في قم المباركة.
تقولات صاحب الروضات‏
قال عند تعداد مؤلفاته ان له تعليقات كثيرة على القوانين تعرض فيها للرد و النقد جزاء لما كان يبلغه من جهة المصنف و العهدة على الراوي و ان كان المروي فيه من العرب. و حكي أيضا عن بعض أهل عصره ان صاحب الرياض كان ينكر فضله" انتهى" فانظر إلى قوله: جزاء لما كان يبلغه من جهة المصنف (اي انه قابل الإحسان بالاساءة) و إلى قوله:" و ان كان المروي فيه من العرب" تقض العجب فهل يتفوه بمثله من ينتسب إلى علم أو ورع و كأنه يبرأ من أصله العربي الكريم و هو ينتسب إلى الذرية الطاهرة.
و كم له في كتابه المذكور من سخافات لا تحصى و لا تصدر ممن ينسب إلى علم، كثر الناقمون عليه و الهازئون به بسببها و قد نشير إلى بعضها في بعض التراجم، اما استقصاؤها فمتعسر عاملنا الله و إياه بعفوه، مع انه ليس للمترجم تعليقات على القوانين و كأنه اشتبه عليه الأمر بما يحكى عن عمه أو ابن عمه و معاصره و مساكنه في النجف المحقق المدقق الأصولي الفقيه السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ابن السيد حيدر الحسيني العاملي من وجوه تلاميذ بحر العلوم المتوفى بالنجف سنة 1230 انه جرت بينه و بين صاحب القوانين حين قدومه إلى العراق مباحثات في حجية الظن المطلق و كان علماء النجف قد اختاروه لمباحثة القمي و أورد عليه السيد إيرادات لم يجب القمي عن جميعها في المجلس و أدرجها مع أجوبتها في مبحث الاجتهاد و التقليد من القوانين و أكثر من قوله فان قلت: قلت، و يقال ان المباحثة كانت بطلب من صاحب القوانين إلى علماء النجف فاختاروا لمباحثته السيد حسين المذكور و قصتها مشهورة كما ذكرناه في ترجمة السيد حسين المذكور فكأنه سمع بها فظنها مع المترجم و انها تعليق على القوانين و هو اشتباه في اشتباه و في كلامه كثير الأشباه. اما ما نقله بالواسطة عن صاحب الرياض فيكذبه ما وجدناه من حال كل من هذين العلمين مع الآخر و تعظيم كل منهما لصاحبه و ثنائه عليه و اطلعت على مكاتبة بينهما في بعض المسائل التي أفتى بها صاحب الرياض و بين له المترجم خطاه فيها فرجع إلى قوله بعد تراد المكاتبة بينهما سؤالا و جوابا و قد رأيتها بخطهما الشريف. و ذكر المترجم في خطبة بعض رسائله انها كانت بامر استاذه صاحب الرياض و هي رسالة المواسعة.
سيرته‏
كيف كان تحصيله للعلم‏
قرأ أولا في جبل عامل على عم أبيه أو ابن عمه السيد أبي الحسن موسى و على غيره ثم ذهب إلى العراق قاصدا النجف فلما ورد كربلاء لقي فيها المحقق البهبهاني و له فيها الدرس العامر و الرئاسة المسلمة فأثر البقاء هناك و عدل عن النجف و أخذ عنه و عن ابن أخته و صهره على ابنته صاحب الرياض و يظهر ان قراءته عليه كانت قبل قراءته على البهبهاني فإنه يعبر عن صاحب الرياض في بعض إجازاته و مصنفاته بأول من علمني و رباني و قربني و أدناني و لم يزل ملازما لدرسيهما مشغولا بذلك حتى عن زيارة النجف كما يقال ثم خرج إلى النجف و قد اشتهر فضله و كان المقدم فيها السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي فاخذ عنه و عن تلميذه الفقيه الشيخ جعفر في وقت‏
أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 290
واحد و عن الزاهد العابد الشيخ حسين نجف و لم يزل ملازما لدرس الطباطبائي إلى وفاة الطباطبائي ثم استقل بالتدريس بعد سفر الشيخ جعفر إلى ايران و لم يعد اليه بعد رجوعه فوقعت بينهما لذلك وحشة ساعد عليها بعض المفسدين و كان يعبر عنه بالشيخ الأكبر الشيخ جعفر جعلني الله فداه و عن كل من بحر العلوم و صاحب الرياض بالعلامة على عصمة أجداده.
جده في تحصيل العلم‏
كان عديم النظير في الجد في تحصيل العلم فقد أفنى عمره في الدرس و التدريس و البحث و المطالعة و التصنيف و التأليف و خدمة الدين و استغرق في ذلك ليله و نهاره و عشيه و إبكاره بحيث لا يكاد يشغله عن ذلك شاغل من مرض أو ضعف أو قلق حتى في ليالي الأعياد و ليالي القدر و سائر ليالي شهر رمضان إلى ان بلغ سن الشيخوخة و هو لا يزداد الا رغبة و نشاطا و كان لا ينام من الليل الا أقله و ياتي انه سئل عن أفضل الأعمال في ليلة القدر فقال الاشتغال بطلب العلم بإجماع علماء الامامية و ذكر في جملة من مصنفاته انه فرغ منها نصف الليل و في بعضها بعد النصف و في بعضها ليلة القدر أو ليلة الفطر حتى انه أيام محاصرة الوهابي للنجف الأشرف في عدة دفعات من سنة 1221 إلى 1226 و ممانعة أهلها له و قيام العلماء معهم بالجهاد لم يفتر عن التأليف و التدريس مع اشتغاله مع العلماء بأمور الجهاد و مباشرة الحصار و تهيئة أسباب الدفاع و الطواف ليلا على الحرس و المحاربين فقد صنف يومئذ رسالة في وجوب الذب عن النجف و انها بيضة الإسلام. و صنف جملة من مجلدات مفتاح الكرامة و فرغ منها في تلك الحال كمجلد الضمان و الشفعة و الوكالة و كان في عشر السبعين و يدل على جده و اجتهاده ليلا و نهارا ما في آخر كثير من مجلدات مفتاح الكرامة انه فرغ منه ليلا فقد ذكر انه فرغ من مجلد الوقف فيما يقرب من نصف الليل و من مجلد الوكالة بعد انتصاف الليل و من المجلد الثاني من الطهارة في الربع الأخير من الليل و من مجلدي الشفعة و الإقرار ليلا و من بعضها ليلة القدر أو ليلة الفطر. حدثنا استأذنا الشيخ فتح الله الملقب بشيخ الشريعة الأصفهاني عن صاحب مفتاح الكرامة انه قال اجمع الامامية على ان أفضل الأعمال ليلة القدر الاشتغال بطلب العلم" انتهى" و يدل على صحة ذلك ما في آخر مجلد الإقرار من مفتاح الكرامة:
كتبت في شهر رمضان من هذه السنة ثمانية اجزاء أو تسعة أو عشرة مع هذا التتبع و الاستيفاء و ذلك اني تركت له سائر الأعمال التي يعملها العاملون في شهر رمضان الا ما قل جدا مؤثرا للتحصيل على ذلك. و قال حفيده السيد جواد ابن السيد حسن ابن السيد محمد ابن السيد جواد المترجم حدثتني مرارا ابنته من صلبه المشهورة بالتقوى و العبادة الجليلة القدر عند صاحب الجواهر و سائر العلماء إلى زمن الشيخ محمد حسين الكاظمي و تجاوز سنها الخمس و التسعين و هي صحيحة الحواس قوية الإدراك قالت: كان والدي لا ينام من الليل الا أقله و لا اعلم انني استيقظت ليلا فوجدته نائما و كان سبطه الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي معه في داره مدة فكان إذا فرغ من مطالعة ابحاثه ينام و يبقى جده مشغولا بشغله فيلتفت اليه و يقول ما هذا التعشق للنوم انا يكفيني منه هكذا و يضع رأسه بين ركبتيه و ينام ثم لا يكاد يلتذ بالنوم حتى يستيقظ و يرجع إلى شغله قالت: و كان أبي ربما يوقظ سبطه المذكور لنافلة الليل و يدعها هو و يقدم عليها الاشتغال بالعلم.
و المعروف من حاله على حد التواتر انه كان مشهورا بين علماء عصره من زمن حضوره على الآغا البهبهاني إلى يوم وفاته معروفا بالضبط و الإتقان و صفاء الذات و ان اجلاء علماء عصره كانوا إذا أشكلت عليهم مسألة و أرادوا تدريسها أو تصنيفها أو الإفتاء بها و وجدوا اضطراب كلمات الأساطين و تعارض الأخبار فيها سألوه عما حققه فان أطلعهم و الا التمسوه على كتابتها فيقفون عند قوله لعلمهم بغزارة اطلاعه و جودة انتقاده و شدة تثبته و ممارسته الكلمات الفقهاء و خبرته بعلم الرجال و يدل على ذلك ان جل كتبه أو كلها بالتماس أساطين العلماء مما دل على انفراده بما لا يشركه فيه أكثر علماء زمانه" انتهى" فقد ألف مفتاح الكرامة و رسالة العصرة بطلب من استاذه الشيخ جعفر و رسالة المواسعة بطلب من استاذه صاحب الرياض.
و حاصر الوهابيون النجف في أيامه و قد كانوا حاصروا كربلاء سنة 1216 و دخلوها [عنو] عنوة و قتلوا الرجال و الأطفال و نهبوا الأموال و في سنة 1221 في الليلة التاسعة من صفر هجموا على النجف قبل الفجر و الناس في غفلة حتى ان بعضهم صعد السور و كادوا يأخذون البلد فردهم الله تعالى و في سنة 1223 هاجم سعود أمير عرب نجد النجف بعشرين ألف مقاتل و كانت النذر قد جاءت أهلها فحذروه و خرجوا جميعا إلى السور و معهم العلماء فأتاهم ليلا فوجدهم على حذر قد أحاطوا بالسور بالبنادق و الأطواب فحاصرهم حصارا شديدا فثبتوا له خلف السور و قتل منهم و قتلوا منه و رجع خائبا و كان المترجم له أول المباشرين للدفاع و هو المثير الرغبة و الحاث على الإقامة على السور حتى انه صنف في ذلك رسالة كما مر و في سنة 1225 أحاط الأعراب من عنزة القائلين بمقالة الوهابي بالنجف و كربلاء و قد قطعوا الطرق و نهبوا زوار الحسين (ع) بعد منصرفهم من زيارة نصف شعبان و قتلوا منهم جما غفيرا و كانت النجف كأنها في حصار و في سنة 1226 جاء عسكر الوهابيين إلى النجف و وقع في أطراف العراق كالحلة و المشهدين البلاء المبين من القتل في الزوار و المترددين و حرق الزرع و كان أهل النجف كالمحاصرين ذكر ذلك كله المترجم في أواخر مجلدات مفتاح الكرامة قال و العبد لم يترك الاشتغال مع ما نحن عليه من الحال مع مرض الجسم و اني في عشر السبعين. و في كل هذه الحروب و الحصار كان لا يفتا عن التأليف و التدريس كما سمعت و يتناوب مع العلماء في حفظ السور و تشجيع المرابطين فيقال انه مر عليهم ليلة و هم يشتغلون بضرب الدف و اللهو فنهاهم ثم عاد فرآهم نائمين فسال قائدهم فقال انما يوقظهم هذا الدف فقال يا بني دقوا على طبيلتكم دقوا فإنها عبادة. (قال حفيده المتقدم الذكر:) حكى لي بعض أهل الورع و الفضل و صدق الحديث في معرض بيان عظمة بحر العلوم و كمال هيبته في صدور أهل عصره انه اعتزل الدرس و المجلس ثلاثة أيام فاشتد الأمر على تلاميذه و عزموا ان يرسلوا اليه من يكون جريئا عليه فوقع اختيارهم على صاحب مفتاح الكرامة لعلمهم بمنزلته عنده فالتمسوه على ذلك فأجابهم فلما رآه استبشر به و جعل يعتذر من اعتزاله بأنه كان لما دهمه من الشك عند ملاحظة اخبار الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ما ورد من التحريض عليهما و التهديد على تركهما لمن تمكن و قال اني تمكنت في هذا الزمان مما لم يتمكن منه غيري فلم يحصل لي يقين الخروج عن عهدة هذا التكليف و لا انكشف عن قلبي حجاب الشك الا مع رؤيتك و ذلك بيمنك و بركتك و الحمد لله ثم أخذ بيده و خرج مظهرا للجماعة انها كرامة للسيد.
و اما تعظيمه لأهل العلم و لا سيما مشايخه فلم يعهد مثله من غيره قديما و حديثا كما يظهر من ديباجات كتبه و ذلك من أقوى الدلائل على رسوخ قدمه في التقوى و مكارم الأخلاق و صفاء الايمان و قال بعض العلماء ما رأيت مصنفا كصاحب مفتاح الكرامة فإنه يود ان ينسب جميع ما حققه في مصنفاته‏
أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 291
إلى مشايخه هضما لنفسه و قال في خطبة بعض مصنفاته: ما كان فيه من تحقيق سمين فهو للاستاذ و ما كان فيه من غث فهو لي. و هذا ما رأيته من غيره من المصنفين" انتهى" و قال حفيده في رسالته: تلي في بعض مدايحه في بحر العلوم فقال بعض الجالسين هذه مغالاة فقلت له انه يعبر عنه و عن صاحب الرياض بالعلامة على عصمة أجداده فزاد تعجبه" انتهى".
فراسته‏
كان معروفا بالفراسة فمن فراسته الصادقة ما حدث به الفقيه الشيخ محمد طه نجف عن الشيخ الأجل الشيخ جواد نجف قال: كان بين والدي و بين صاحب مفتاح الكرامة مودة أكيدة فاجتمعا يوما و انا طفل اخدمهما بما أطيقه فكان السيد يقول لوالدي ان ولدك هذا سيكون له حظ وافر من العلم أو نحو ذلك. يقول الشيخ جواد نجف: و كانت للسيد يد بالفراسة و لم تخطئ الا في هذا الموضع يقول ذلك هضما لنفسه (و منها) ما حدثني به بعض بني عمنا الصالحين عن الشيخ الفقيه الشيخ عبد الله نعمة العاملي قال لما عزمت على التوجه إلى رشت استشرت شيخنا صاحب الجواهر فلم يرض لي بذلك ثم مست الضرورة إلى السفر فلما كانت الليلة التي أزمعت على السفر في صبيحتها دخلت الحضرة الشريفة فوجدته خارجا منها فأخبرته بعزمي فاخذ بيدي حتى اوصلني إلى الحجرة المدفون فيها استاذه صاحب مفتاح الكرامة فقال لي يا بني صاحب هذا القبر سبب عزي في الدنيا و الآخرة و قد كنت بعد حضوري درسه حضرت درس الشيخ الأكبر الشيخ جعفر فعزم على ارسالي إلى أصفهان فاستشرت صاحب هذا القبر فمنعني و بشرني بانني أكون صاحب المنبر الأعظم في النجف و لما رأى إصرار الشيخ جعفر على ارسالي و خشي من اجابتي له أرسل خلف والدتي و أمرها بمنعي عن ذلك و انا أنصحك كما نصحني استاذي الذي بسببه صرت إلى ما ترى و انا مواظب على زيارة قبره و قراءة الفاتحة له كل ليلة. قال الشيخ عبد الله: و كان امر الله قدرا مقدورا فسرت في صبيحة تلك الليلة على علم من الشيخ بمعذوريتي.
(و منها) ما شاع و ذاع و جاوز حد التواتر من قوله عند وقوع سبب افتراق الفرقتين المعروفتين في النجف بالزكرت و الشمرت و وقوع العداوة بينهما و المقاتلة في دائم الأوقات إلى وقت احتلال الإنكليز العراق، و ذلك ان بعض السادة القاطنين خارج النجف كانت له أخت فخطبها رجل فمنعها أخوها من التزويج به فشكته إلى الشيخ جعفر فأرسل في طلبه جماعة و أمرهم بإحضاره قهرا ان لم يحضر طوعا فنهاه السيد عن ذلك و قال ان أحضرته قهرا لتلقحن فتنة لا تنطفي ابدا فلم يقبل حيث رأى لزوم ذلك من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلما جاءوا إلى السيد امتنع عليهم فأرادوا إحضاره قهرا فقاتلهم فقتلوه و ثارت فتنة من ذلك اليوم إلى هذا العصر و القضية مشهورة و أشار إليها صاحب الجواهر في كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كان اسم المرأة أم السعد و الخرابة المسماة (خرابة أم السعد) في محلة العمارة بالنجف منسوبة إليها و هي دارهم و لم تزل خرابا قرونا متعددة.
مشايخه في التدريس‏
و قد علموا مما مر في سيرته لكننا نسرد هنا أسماءهم (1) عم أبيه أو ابن عمه السيد أبو الحسن موسى جد جد المؤلف قرأ عليه في جبل عامل (2) السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض (3) الآقا محمد باقر بن الآقا محمد أكمل البهبهاني قرأ عليهما في كربلاء (4) السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (5) الشيخ جعفر بن خضر الجناجي (6) الشيخ حسين نجف قرأ عليهم في النجف.
مشايخه في الإجازة
يروي بالاجازة عن جماعة منهم اساتيذه في التدريس (1) البهبهاني (2) الطباطبائي (3) و (4) صاحب الرياض و كشف الغطاء و منهم (5) المحقق الميرزا أبو القاسم القمي صاحب القوانين و تاريخ اجازته له في جمادى الأولى سنة 1206.
تلاميذه‏
تخرج به جماعة من الفقهاء الكبار و غيرهم (1) صاحب الجواهر (2) الشيخ مهدي ابن ملا كتاب الكردي (3) الشيخ محسن الأعسم (4) السيد صدر الدين محمد بن صالح بن محمد شرف الدين بن إبراهيم بن زين العابدين الموسوي العاملي المعركي الساكن بأصبهان (5) جدنا السيد علي بن السيد محمد الأمين الذي انتهت الرئاسة العلمية في جبل عامل (6) الآقا محمد علي بن الآقا محمد باقر [الهزاز] الهزار جريبي المازندراني النجفي (7) الشيخ جواد بن محمد تقي بن محمد المدعو بملا كتاب الكردي النجفي (8) ولد المترجم له السيد محم




تلاميذه‏
تخرج به جماعة من الفقهاء الكبار و غيرهم (1) صاحب الجواهر (2) الشيخ مهدي ابن ملا كتاب الكردي (3) الشيخ محسن الأعسم (4) السيد صدر الدين محمد بن صالح بن محمد شرف الدين بن إبراهيم بن زين العابدين الموسوي العاملي المعركي الساكن بأصبهان (5) جدنا السيد علي بن السيد محمد الأمين الذي انتهت الرئاسة العلمية في جبل عامل (6) الآقا محمد علي بن الآقا محمد باقر [الهزاز] الهزار جريبي المازندراني النجفي (7) الشيخ جواد بن محمد تقي بن محمد المدعو بملا كتاب الكردي النجفي (8) ولد المترجم له السيد محمد و غيرهم من أفاضل العلماء.
من روى عنه بالاجازة
هو أحد شيوخ الإجازة استجازه جل فضلاء عصره (1) تلميذه صاحب الجواهر (2) ولده السيد محمد (3) سبطه الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي (4) الآغا محمد باقر [الهزاز] الهزار جريبي المازندراني (5) الآميرزا عبد الوهاب و تاريخ اجازته له في ربيع الأول سنة 1225 (6) الشيخ جواد بن تقي ابن ملا كتاب الكردي و غيرهم.
عقبه‏
أعقب ولده السيد محمد و منه الذرية و بنتا عمرت طويلا.
مصنفاته‏
له مصنفات كثيرة (1) مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة و هو أكبر مصنفاته و أحسنها و أشهرها و هو أعظم معين لتلميذه على تصنيف الجواهر و بالجملة فهو في بابه عديم النظير بين مصنفات أصحابنا و هو في اثنين و ثلاثين مجلدا مخطوطا فيما يزيد عن ثلاثمائة ألف بيت و كل بيت خمسون حرفا كلها على القواعد الا مجلد القصاص فكان قد كتب بعضه على كشف اللثام ثم كتب باقية على القواعد يحتوي على جميع كتب الفقه عدى بعض الزكاة و تمام الخمس و الحج و الصوم و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و السبق و الرماية و بعض الوصايا فإنه وصل فيها إلى آخر البحث الأول من البحثين الملحقين بالفصل الثالث من أحكام تصرفات المريض و عدى النكاح و توابعه من الطلاق و الخلع و المباراة و العتق و الايمان و توابعها و الكفارات و الصيد و الذباحة و بعض القضاء فإنه وصل فيه إلى أواخر الفصل الثاني في العقود و عدى الشهادات و الحدود و بعض الجنايات فإنه ترك من أولها مقدار ورقة و نصف من سبع أوراق و ابتدأ باوائل المطلب الثاني في الجناية الواقعة بين المماليك تعليقا على كشف اللثام مقدار ثلاث أوراق من‏
أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 292
سبع إلى أول المطلب الثالث في كيفية الاستيفاء و منه إلى آخر الجنايات مقدار ورقتين و نصف من سبعة شرحا على القواعد و عدى بعض الديات فإنه وصل فيها إلى أواسط المقصد الخامس في دية الجنين. و هذا الكتاب صنفه بطلب من شيخه الشيخ جعفر الجناجي النجفي بدأ فيه سنة 1199 و بقي يكتب فيه إلى عام وفاته سنة 1226 قال في خطبته امتثلت فيه امر استاذي الامام العلامة الحبر الأعظم الشيخ جعفر جعلني الله فداه قال ادام الله حراسته أحب ان تعمد إلى قواعد العلامة فتنظر إلى كل مسألة اختلفت فيها كلمات الأصحاب و تنقل أقوالهم و تضيف إليها شهرتهم و إجماعهم و تذكر أسماء الكتب التي ذكر فيها ذلك و إذا عثرت على دليل في المسألة لم يذكروه فاذكره و متنه و أذكر عند اختلاف الأخبار مذاهب العامة على وجه الاختصار ليكمل نفعه و يعظم وقعه حيث ان المختلف و ان كان عميم الفائدة الا انه قد خلا عن ذكر كثير من الخلافيات و ما ذكر فيه منها قد خلا عن ذكر كثير من الأقوال. و قد حاز هذا الكتاب شهرة واسعة و استنسخت منه عدة نسخ في حياة مؤلفه و بعد وفاته و تنافس أهل المكتبات في اقتنائه و ايداعه مكتباتهم و قد اشتريت معاملاته وحدها في النجف قبل ان يطبع بأربع ليرات عثمانية ذهبية و كنت لا أملك الا بعضها مع احتياجي إلى إنفاق ذلك البعض و كانت عرضت على امام جمعة تبريز المثري بهذه القيمة فارادها بأقل لأنه لم يكن يدور في خلده ان أحدا من طلاب العلم الذين جلهم أو كلهم فقراء يشتريها بهذه القيمة فلما بلغه انني اشتريتها ندم و كانت عنده اجزاء العبادات بنفس هذا الخط و القطع و كاتبهما واحد فراودني على بيعها بزيادة في القيمة فأبيت و وسط لي وسائط من وجوه العلماء فأبيت و أخيرا قلت للواسطة ان كان يبيع ما عنده من اجزاء العبادات فانا مستعد لشرائها بالقيمة التي يريدها فاغتاظ من هذا الجواب كثيرا و يئس من أخذها و أخيرا قال لي بعض أصحابه ان المعاملات التي عندك مسروقة لأنها بخط المعاملات التي عندي و قطعها فقلت له بل العبادات التي عندكم مسروقة لأنها بخط المعاملات التي عندي و قطعها. و كنت نسخت كتاب المواريث بخطي في النجف عند تاليفي كتاب كشف الغامض في أحكام الفرائض. و مع كون هذا الكتاب كان مرغوبا فيه جدا قبل طبعه فلما طبع منه عدد كثير و اعطي مجانا نقصت الرغبة فيه و قد طبع ثمانية مجلدات ضخام سبعة منها طبعت في مصر و طبعنا مجلد الأمانات في دمشق و بقيت مجلدات القضاء و الشهادات و الحدود و القصاص و الديات لم تطبع و هي نحو المجلدين فإذا طبعت كانت مجلداته عشرة تحوي جميع مجلداته الاثنين و الثلاثين المخطوطة. و هذا تفصيل مجلداته المطبوعة (1) مجلد الطهارة (2) و (3) مجلدا الصلاة و الزكاة (4) مجلد البيع (5) مجلد الدين و توابعه (6) مجلد الأمانات و هو الذي طبعناه بدمشق (7) مجلد احياء الموات و توابعه (8) مجلد الفرائض و المواريث. و قد قرضه عدة من العلماء و الفضلاء و الشعراء و الأدباء فمن ذلك ما على مجلد الوصية و لم يعلم منشئه:
ألا ان (القواعد) حين وافت لدين محمد صارت دعامة
لقد جمعت قواعده جميعا و قد حفظت مقاصدها نظامه‏
و لكن أعيت العلماء طرا و قد جهدوا فما بلغوا مرامه‏
و كم قد أشكل الأشكال منها و ما من كاشف عنه لثامه‏
و لا من جامع للقصد فيها و ان مزجوا بإيضاح كلامه‏
و حيث تغلق الأبواب عنها أتى الباري (بمفتاح الكرامة)

و منها ما على مجلد الوكالة و لم يعلم قائله:
شرح به شرح الصدور مفيده بحر لكل فضيلة تيار
ما زال يقذف للمؤمل سيبه دررا تضي‏ء بنورها الأقطار
يمسي إذا أرخى الظلام سدوله يقظا له كتب الأولى سمار
و تطوف أرباب الفضائل حوله فكأنما هو كعبة و مزار
يا من يؤمل ان يشق غباره مهلا فقد تاهت بك الأفكار
يكفيك فخرا ان يريك غباره ما شق في يوم عليه غبار

و على مجلد البيع ما صورته بخط منشئه و لم يعلم من هو:
جاد الجواد لنا بشرح قواعد قد جمعت كل المحاسن فيه‏
شرح يبين لك الفقاهة كلها و يفي بنقل كلام كل فقيه‏
يكفي الفقيه عن الرجوع لما سواه و ما سواه عنه لا يكفيه‏
و عليه لو وقف المصنف لم يقف عن لثم صاحبه الجواد يفيه‏
ان لم تكن إياه أنت فاقرب القربى أخوه لامه و أبيه‏

و على أول مجلد منه ما صورته و لم يعلم قائله:
جريت على علم الأوائل آخرا فكنت به في حلبة السبق أولا
أتيت بما لا يستطاع لواحد و لا غرو إذ كنت الجواد المفضلا

و كتب عليه أيضا و لم يعرف قائله:
حويت ما قد حوته الكتب مجتهدا فما تركت لمبسوط و مختصر
و زدت فائق تحقيق و رائقه و ليس هذا لعمري قدرة البشر

و قال فيه مؤلف هذا الكتاب محسن الأمين الحسيني العاملي غفر الله ذنوبه:
شرح به تنحل كل عويصة في حلها قد أعيت الشراحا
جمع المقاصد كاشفا للثامها و لكل مشكلة غدا إيضاحا
كنز الفرائد و الفوائد و هو في ظلم الجهالة قد بدا مصباحا
بحر تدفق من يراع محمد تلقى البحور بجنبه ضحضاحا
لله آية معجز ظهرت به فغدت لكل كرامة مفتاحا

و لمؤلفه فيه تقاريض تأتي عند ذكر أشعاره (2) من مصنفاته شرح طهارة الوافي و هو تقرير بحث استاذه بحر العلوم يتكلم في الخبر أولا على السند ثم المتن ثم الدلالة ابتدأ فيه برواية علي بن جعفر عن أخيه في رجل رعف فامتخط فصار الدم قطعا إلخ لأنه لما عزم على الكتابة كان الدرس في هذا الخبر و انتهى فيه عند الشروع في باب مسح الأذنين و القفا في الوضوء و هو كتاب نفيس يشتمل على تحقيقات رجالية و فوائد في معاني الأخبار جليلة يقرب من ثلثي الروضة (3) حاشية على طهارة المدارك تقرب من خمسة آلاف بيت كتبها أيام قراءته على بحر العلوم بدأ فيها بتفسير العوض و انه يصدق على الثمن و المثمن و ختم بمبحث ملك العبد و عدمه تقرب من ألف و مائتي بيت (5) حاشية على كتاب الدين و الرهن من القواعد كتبها حين قراءته على الشيخ جعفر ابتدأ فيها من قوله و يملك المقترض و انتهى فيها إلى أواخر الرهن عدى عن ثلاث ورقات من آخره تقرب من ألفين و ثلاثمائة بيت (6) رسالة مبسوطة في العصيرين العنبي و التمري كتبها بالتماس استاذه الشيخ جعفر حين قراءته عليه هذه المسألة و قال له الذي يظهر لي الآن حليتهما و ان استاذهما بحر العلوم يذهب إلى التحريم فيها فأحب ان‏
أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 293
تكتب ما ذكر في هذه المسألة من الشهرة و الأقوال و الإجماعات و تورد جميع ما تجده في الوافي و الوسائل من الروايات و سماها العصرة في العصير و وجدت عليها بخط شيخه الشيخ حسين نجف ما لفظه: من فضل الله علي ان وفقت للنظر فيها و تطلعت على أسرار معانيها و لقد علقت بها و تصفحتها فوجدتها روضة غناء و حديقة فيحاء لم تسمح قريحة بمثلها و لم نر في هذا المضمار على طرزها و لقد أزاحت الشك و الشبه و الريب و تجلى بها إلى الشهادة ما كان العلم به من الغيب فلله درة ما احقه بعظيم الأجر و جزيل الجزاء و جميل الذكر و حسن الثناء حرره ذو التفريط و السرف أقل الطلبة حسين نجف و عليها تقريظات اخر تركناها خوف الاطالة (7) رسالة في المواسعة و المضايقة كتبها بالتماس شيخه صاحب الرياض و سماها الرحمة الواسعة في المضايقة و المواسعة و أشار إليها في مفتاح الكرامة و قال بينا فيها أدلة الأقوال في المسألة و ما يرد عليها و استوفينا الكلام أكمل استيفاء و قال أيضا: و قد استوفينا ذلك كله في الرسالة و ذكرنا اخبار الأقوال كلها و بينا الحال فيها بما لا مزيد عليه حتى اتضح الحال و اندفع الاشكال و كانت حرية بما سميناها به و هو الرحمة الواسعة في مسألة المضايقة و المواسعة (8) حواش على الروضة على كتاب المضاربة و الوديعة و العارية و المزارعة و المساقاة و بعض الوصايا و تمام النكاح و بعض الطلاق تقرب من نصف الروضة (9) منظومة في الرضاع تقرب من مائة و أربعين بيتا (10) منظومة في الخمس تقرب من ثمانين بيتا نظمها باسم استاذه بحر العلوم أولها:
الحمد لله و صلى الباري على النبي الطاهر المختار

إلى قوله:
فهاك راق في الرضاع ليسهل الحفظ على الطباع‏

إلى قوله:
من يمن مولانا عظيم الأجر السيد المهدي فخر العصر

(11) منظومة في الزكاة تقرب من مائة و عشرة أبيات قال في مدحها بعض الفضلاء:
و منظومة غراء تزهو كأنها قلائد تبر في ترائب أبكار
و تعلو على أمثالها ان تلوتها فتبصر نظما لا يمل بتكرار

(12) رسالة حقق فيها مسألة جواز العدول عن العمرة عند ضيق الوقت إلى الأفراد (13) شرح الوافية في الأصول مجلدان أكبر من القوانين تام على الظاهر الا قليلا بسط فيه الكلام و تعرض لأغلب كلمات الأساطين من الأصوليين و الأخباريين المتقدمين و المتأخرين شارحي الوافية و غيرهم و ذكر فيه جميع ما وقع من المباحثة و المناظرة بين العلمين العيلمين الشيخ الأكبر الشيخ جعفر و السيد الفاضل المتقن السيد محسن البغدادي في جريان أصل البراءة في اجزاء العبادات و أول الموجود منه بخطه الشريف في بطن الورقة قوله: لا يقال اختلاف المتعلق إلخ و آخره في التراجيح (14) رسالة في تحقيق مسألة الشك في الشرطية و الجزئية في العبادات و ذكر فيها مباحثته في ذلك مع شيخيه صاحب الرياض و بحر العلوم (15) رسالة ذكر فيها مناظرة الشيخ الأكبر الشيخ جعفر و الفاضل المتقن السيد محسن الكاظمي بالتمام و ما تكاتبا به بعض المسائل و فيها ورقة بخط الشيخ جعفر بيده (16) حاشية صغيرة على أول تهذيب الأصول (17) حاشية على المعالم في مقدمة الواجب (18) رسالة في علم التجويد طبعت بمصر (19) رسالة في الرد على الأخباريين نافعة جدا و كتب المحقق البغدادي على ظهرها بخطه أحسنت و أجملت و أفضلت حكمة و صوابا و موردا عذبا و مستزادا لبابا لا زلت موفقا لهداية الخلق و إرشاد الناس إلى الحق و الكشف عن الخفايا و الدلالة على الخبايا و كتب على ظهرها بعض الأفاضل:
بقيت على الدهر يا ابن النبي و هذا دعا شامل للأنام‏
و لا زلت تحمي حمى المكرمات و تنهج منهجها للكرام‏
خصمت و قد طال داء النزاع بمنطق فصل ألد الخصام‏
و لا غرو إذ لم تزل دائبا شموس نهارك تجلو الظلام‏
و كم رضت في العلم صعب القياد و دون ذويه ملكت الزمام‏
فهم درجات لكل مقام و ان مقامك أعلى السنام‏

(20) رسالة وجوب الذب عن النجف الأشرف و إثبات انها بيضة الإسلام مختصرة كتبها من حفظه و لم تكن عنده كتبه (21) رسالة فيما جرى بينه و بين صاحب الرياض في مسألة أفتى بها صاحب الرياض و خطاه المترجم و تراد الكلام بينهما سؤالا و جوابا حتى رجع صاحب الرياض إلى قوله (22) رسالة في أصل البراءة ذكر فيها أولا كلام السيد محسن الأعرجي ان الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينية و تكلم في الرد عليه ثم أورد ما كتبه السيد محسن في الجواب عنه ثم أورد جوابه و هكذا إلى آخر الكتاب بعنوان قال سلمه الله و أقول: ذكرها صاحب الذريعة و قال ان النسخة موجودة عند الشيخ هادي آل صاحب كشف الغطاء و انها كتبت عن نسخة الأصل التي عليها حواش بإمضاء محمد تقي و المظنون انها للشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم" انتهى". هذا ما وقفنا عليه من مصنفاته. و عد فيها صاحب روضات الجنات تعليقات كثيرة على القوانين و هو اشتباه كما عرفت.
مكتبته‏
كانت له مكتبة غنية بكتب الفقه و الحديث و الرجال و غيرها حاوية لجميع كتب الفقه و الحديث أو جلها للقدماء و المتأخرين كما يدل عليه نقله عنها في مفتاح الكرامة بغير واسطة و كلها كانت مخطوطة لأن فن الطباعة لم يكن قد انتشر يومئذ.
أشعاره‏
له أشعار جيدة منها ما كتبه بخطه الشريف على مجلدات مفتاح الكرامة فعلى مجلد الشركة قوله من أبيات:
و برق ضئيل الطرتين تخاله مخاريق مطرود بليل و طارد
ذكرت به صحبي عشية قوضوا على متن محمول على متن ساعد
و انقذني من ربقة الجهل انني أبيت الليالي ساهرا غير راقد
ألاحظ أسفار الذين تقدموا و انظر فيها واحدا بعد واحد
فلست ترى في العصر من جمع الذي جمعت و في الآثار أصدق شاهد
أ في الشمس شك انها الشمس عند ما تجلت عيانا للبصير المشاهد

و على المجلد المذكور أيضا تقريض على الشرح المزبور:
كتاب لباغي الفقه أقصى مراده و يغني به عن جده و اجتهاده‏
كحلت له جفني بميل سهاده و خصبت كفي دائما من مداده‏

أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 294
و على مجلد الوكالة:
هذا كتاب ليس يوجد مثله في الفقه ما سلف الزمان و ما غبر
جمع الأدلة كلها طرا كما جمع الفتاوى و الوفاق و ما اشتهر

و عليه أيضا:
شرح به شرح الصدور من العمى قد ضم كتب الفقه في ايجاز
هيهات ان ياتي الزمان بمثله كم منحة لله في اعجاز

و له في مفتاح الكرامة أيضا:
أتعبت نفسي بهذا الشرح مجتهدا ما صدني عنه شي‏ء قل أو اكثرا
كل النهار و كل الليل في شغل فلا أبالي أ طال الليل أم قصرا

و سار السيد مهدي بحر العلوم و هو مريض لزيارة الكاظمين ع فقال المترجم هذه الأبيات:
عليك سلام الله موسى بن جعفر سلام محب يرتجي أحسن الرد
و يرجوك محتاجا لأعظم حاجة هي النعمة الكبرى على الحر و العبد
فهذا امام العصر بعد إمامه امام الورى طرا سليلكم المهدي‏
أتاكم على بعد الديار يزوركم يجوب فيا في البيد وخدا على وخد
لقد جاءكم في حالة اي حالة و لو غيره ما سار يوما مع الوفد
مريضا فلا يقوى على الكور مركبا و لا السرج يغني لا و لا محمل يجدي‏
فنصف بريد سيره في نهاره و ذلك منه غاية الجد و الجهد
فيا لك جسما صح في الله قلبه فعاد مريضا واهن العظم و الجلد
ففي القلب أشواق تقود إليكم و في الجسم أدواء تصد عن القصد
و قد قاده الشوق الملح إليكم فمنوا عليه بالشفاء و بالرفد
و ما الرفد كل الرفد الا لمثله و للرفد أسباب تضيق عن العد
و قد جمعت فيه جميعا بفضلكم فكان بحمد الله واسطة العقد
و زواركم لا يحرمون مناهم فذو الغنى يحظى بالنوال و ذو الرشد
و ليسوا كحجاج إلى البيت يمموا فبعض على رفد و بعض على رد
و زواركم و الحمد لله جمة كما الرسل و الأملاك جلت عن الحد
و سيد خلق الله طه محمد كذا سيد الزوار سيدنا المهدي‏
فكل له امر بمقدار فضله و عندكم التفصيل يا غاية القصد
فمنوا على جسم تمرض فيكم بعافية و فراء فضفاضة البرد
و ذلك فضل يشمل الناس كلهم لأن كان باب الله في حرم الجد
عليكم سلام الله ما انبجس الحيا و سيقت غوادي المزن بالبرق و الرعد

و قال أيضا و أرسلها اليه إلى كربلاء:
غرام و ما تخفي الجوانح لا يخفى و كيف و قد اودى به الوجد أو أشفى‏
فيا رائيا يفري رؤوس تناؤف بدامية الأخفاف ينسفها نسفا
يفرفر فيها غير دال مهجهجا تزف به مثل الظليم إذا زفا
فأمسى كسهم في حنية واتر و امست رزاحا بعد ما أصبحت حرفا
رويدا على رسل فكم تدأب السري لترتاد مغنى بالصريمة أو ألفا
فاني ارى ما لا تراه فقف بنا قليلا و لو لوث الإزار و قد شفا
مخايل لم تكذب تبشر اننا سنصطبح النعمى و نغتبق الزلفى‏
فاني دبرت الجو فانساح لامع فآونة يبدو و آونة يخفى‏
و ذاك وميض القدس من ارض كربلاء فلا ابتغي حصنا سواه و لا كهفا
و لا اختشي و الحافظ الله ضيعة و قد علقت كفي بكفين ما كفا
عليك سلام الله يا نور عرشه و أصدق من اوفى و أكرم من وفى‏
سموت كما الزاكي أخيك ذرى العلا فكنت لعرش الله تلوا له شنفا
و عانيت ما عانى فهادن حكمة و ساموك ما ساموه في حكمهم خسفا
شهيدان مقتولان جهرا و غيلة و ما عرفا نكرا و لا أنكرا عرفا
إمامان أهل العرش و الأرض و السما من الله ترجو فيهما اللطف و العطفا
لقد ضاقت الدنيا بال محمد و قام عليها كل طاغية عنفا
صريع غوان بين عود و قينة و تسكاب راح بات يشربها صرفا
و اضحت طغام الناس تبسر في الدنا و قد صعرت خدا و قد شمخت انفا
و اضحت ولاة الأمر في ضيق ردحة و قد وجمت وجدا و كم جرعت حتفا
و لكنه لله في الدهر سنة ففي كل قرن مدمن فضله لطفا
امام هدى يهدي إلى الحق اهله و ينفي انتحالا كان لولاه لا ينفى‏
و ناجم هذا العصر مشكاة نوره أجل الورى عرفا و أطيبهم عرفا
هو السيد المهدي من طاب محتدا و نفسا على مرضاة بارئة وقفا
فلله ما اقنى و لله ما اقتنى و لله ما ابدى و لله ما أخفى‏
و كل امرئ في الناس يسعى لنفسه و يبسط في غفاتها الزند و الكفا
و قد جل عن هذا و جلت صفاته و قد جاوز الإغراق و استغرق الوصفا
و لست بمحصي النزر من ذر و فضله و لو كنت املي من فضائله صحفا

و قال أيضا يمدحه:
إليك زمام الخلق يا خير مرشد و أنت نظام الكون في كل مشهد
و أنت أمين الله قمت بامره على الدين و الدنيا بامر محمد
و حجته العصماء من كل وصمة و آيته الكبرى على اليوم و الغد
و انك جنب الله خازن علمه و انك وجه الله في كل مقصد
تعاليت عن كنه الأنام و لا ارى إلى كل سر ثاقب الذهن يهتدي‏
تباين فيك الناس إذ بنت عنهم فاضحوا و هم ما بين غاو و مهتدي‏
و بين أناس حائرين و انني لعاذرهم في ذاك غير مفند
ففي كل سر من علاك و ظاهر دليل لكل نحو مبدأه يبتدي‏
لك المعجزات البينات أقلها يقيم على ساق العلا كل مقعد
أ لست الذي اصمى اليهود بمعجز فخروا عناة للجران و لليد
و اضحوا جميعا مسلمين و انهم جهابذ فيهم كل حبر مسود
يضيقون عن عد و تلك بيوتهم بجنح الدجى معمورة بالتهجد
و قاضي قضاة القوم أرشدت امره و قد كان صعبا لا يلين لمرشد
و قومت زيغ التركمان و كم لكم بمكة آيات لكل موحد
و طائفة نهج الطريقة قد عدت و آزرها في غيها كل معتدي‏
فحين رأت ما يقطع العذر منكم تجلى عماها بعد طول تردد
و كم فرقة ضلت فروع أصولها رددتم إلى الأصل الأصيل الموطد
و للجن و الأملاك شان لديكم فسل مسجدا في ارض كوفان ترشد
و قد جل ما قد حل فيه نكاية بقائد جيش السوء من خاتم اليد
و كم فيك سر لا ابوح بذكره مخافة خب طائش اللب سمهد
و في درسك الميمون اعدل شاهد على سرك المخزون في كل مشهد
تدير كئوس العلم من كل غامض على كل حبر بالفضائل مرتدي‏
و علامة ندب امام زمانه و مجتهد في كل فن مصمد
هم القوم كل القوم الا لديكم فإنهم ما بين بكم و لمد
فيا جبلا من قدرة الله باذخا و بحر ندى نادي الوجود به ندي‏
مدحتك لا اني رجوتك للغنى و ان غاض وفري من طريف و متلد

أعيان‏الشيعة، ج‏4، ص: 295
و لكنني عاينت فيك شمائلا عرفت بها عرف النبي محمد
و قد صنف المولى كتابا بيمنكم يفوق جميع الكتب في كل مقصد
و كم قمت للإرشاد بالباب راجيا صلاح كتابي و الكتابة في يدي‏
فان تلحظوه زاد نبلا و رفعة و بالغيث يغدو ممرعا كل فدفد
و لا زالت الأيام يا ابن بهائها تروح عليكم بالسرور و تغتدي‏

و قال راثيا و مؤرخا وفاة شيخه المذكور السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي:
يا بقعة بزغت كالشمس في أفق قد ضم خير سراة الأرض ناديك‏
أصبحت في‏


يا بقعة بزغت كالشمس في أفق قد ضم خير سراة الأرض ناديك‏
أصبحت في فرح و الناس في ترح تبارك الله مرضينا و مرضيك‏
أصبحت كالبيت بيت الله محتشدا فالجن و الإنس و الأملاك تأتيك‏
ما أنت سرداب سامراء زاد علا و ليس ناصب شمراخ الهدى فيك‏
فكيف امسى بك المهدي و اتسقت فيك الملائك املوك باملوك‏
لله من سبب بالله متصل و بحر علم أصاب اليوم واديك‏
قد ذاب فيك فؤاد الدين من حزن فارخوا غاب مد للهدى فيك‏

1212 و قوله‏
قد ذاب فيك فؤاد الدين‏


إشارة إلى إسقاط الدال و الياء من التاريخ و جعل ألف الهدى ألفا لا ياء.
مدايحه‏
قال الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي يمدحه بقصيدة أرسلها اليه من الشام للعراق مطلعها:
تذكر حيا بالعذيب فحياه و لو أنه رد التحية أحياه‏



































****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Thursday - 4/12/2025 - 8:18
روضات الجنات في أحوال العلماء و السادات، ج‏2، ص: 216
179سليل السادة القادة الاجلة الامجاد السيد جواد بن السيد محمد الحسنى الحسينى العاملى
‏ المتوطّن بالغرىّ. كان من فضلاء هذه الأواخر، و متتبّعى فقائهم الأكابر، و قد أذعن لكثرة اطّلاعه و طول ذراعه وسعة باعه فى الفقهيّات أكثر معاصرينا الّذين أدركوا فيض صحبته بحيث نقل أنّ المحقّق الميرزا أبا القاسم صاحب «القوانين» كان إذا أراد تشخيص المخالف في مسئلة يراجع إليه فيظفر به. نعم كان صاحب «رياض المسائل»- رحمه اللّه- ينكر فضيلته و فضيلة مولانا عبد الصمد الهمدانى صاحب كتابى اللغة و الفقه الكبيرين من رأس كما حكاه لنا بعض فقهاء العصر- سلّمه اللّه-.
و له تلامذة فضلاء معروفون منهم الشيخ مهدى بن المولى كتاب، و الشيخ محسن بن أعصم، و الشيخ محمّد حسن الفقيه الأعظم، و كان معظم قراءته على سيّد الأساتيد

روضات الجنات في أحوال العلماء و السادات، ج‏2، ص: 217
المشتهر ببحر العلوم و بعض من في طبقته، بل و على شيخ مشايخنا المروّج الآقا محمّد باقر و من فى درجته أيضا فى الظاهر، و يروى عنه الشيخ محمّد حسن في إجازته و هو يروى عن بحر العلوم، و له أيضا من المصنّفات المشهورة شرحه الضخم المبسوط على «قواعد» العلّامة و هو المسمّي ب «مفتاح الكرامة» في نحو من ثمانية و عشرين مجلّدا كتابيا، و قيل: غالب تفصيلات شرح تلميذه الأخير على «الشرائع» منه، و لم يرعين الزمان أبدا بمثله كتابا مستوفيا لأقوال الفقهاء، و مواقع الاجماعات، و موارد الاشتهارات، و أمثال ذلك من غير خيانة فى شى‏ء منها و لا اجتهاد له فى فهم ذلك كما هو عادة تلميذه- شكر اللّه سعيه الجميل- فى تسهيل الأمر بما لا مزيد عليه لكلّ من يريد اجتهادا في مسئلة، هذا.
و له أيضا تعليقات كثيرة على «القوانين» تعرّض فيها للردّ و النقد [عن الرّدو النقد أيّام تشرّفه بحضرته العليا في بلدة قم المعصومة] جزاء بما كان يبلغه من جهة المصنّف- رحمه اللّه- من ذلك. فافهم، و العهدة على الراوى له و إن كان المروى فيه من العرب فافهم ثانيا. هذا.
و توفّى فى حدود سنة ستّ و عشرين و مأتين بعد الألف عام تولّد مؤلّف هذا الكتاب بعينه، و سيأتى ما ينفعك أيضا في هذا المقام فى ذيل ترجمه الآقا محمّد علىّ النجفى الفقيه إن شاء اللّه.


****************
غرقاب، ص: 171
[67] [السيّد جواد العاملي‏] [1160- 1226]
و منهم: العلّامة المتبحّر الزكيّ السيّد جواد العاملي «3» الساكن بأرض الغري.
__________________________________________________
(3)- هو السيّد جواد ابن السيّد محمّد الحسني الحسيني العاملي ولد بالشقراء في حدود سنة 1160 و تتلمذ عند عدّة من الأعلام نحو الوحيد البهبهاني و السيّد عليّ الطباطبائي-

غرقاب، ص: 172
كان- طيّب اللّه مضجعه- مرجعا للمحقّق القمي صاحب القوانين في تشخيص المخالف في المسألة، بحيث أنّه إذا أراد الاطّلاع بالمخالف في مسألة من المسائل يراجع السيّد المرحوم فيظفره به «1»، فانظر إلى تبحّره [23/ A] و كثرة اطّلاعه و تفقّهه و طول ذراعه. و كفاك في هذا المرام تلمّذ الشيخ صاحب جواهر الكلام لديه و تعبيره عنه ب «الأستاد الأكبر» «2»، و قد يعبّر عنه غيره في مؤلّفاتهم ببعض الأساطين.
و له من المصنّفات كتاب مفتاح الكرامة شرحا على قواعد العلّامة- أعلى اللّه مقامه- فإنّه الّذي لم يرعين الزمان بمثله أبدا.
و كانت وفاته في سنة ستّ و عشرين بعد المائتين و الألف (1226) في النجف الأشرف.
__________________________________________________
- و السيّد مهدي بحر العلوم و الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
له تلامذة معروفون، منهم: الشيخ مهدي ابن ملّا كتاب و الشيخ محسن بن أعصم و الشيخ محمّد حسن الفقيه، راجع: روضات الجنّات، ج 2، ص 216، الرقم 179؛ أعيان الشيعة، ج 4، ص 288؛ ريحانة الأدب، ج 3، ص 396؛ الكرام البررة، ج 1، ص 286، الرقم 569؛ نفحات الروضات، ص 175، الرقم 179؛ تكملة أمل الآمل، ج 1، ص 79، الرقم 83 و مقدّمة مفتاح الكرامة [المحقّقة]، ج 1، ص 1- ص 10.
(1)- انظر: روضات الجنّات، ج 2، ص 216، الرقم 179.
(2)- ما وجدنا هذا التعبير من صاحب الجواهر و لكن في موضع من الجواهر، يعبّر عنه ب «المولى المتبحّر السيّد العماد، استاذي السيّد محمّد جواد». جواهر الكلام [مؤسسة النشر الإسلامي‏]، ج 13، ص 57- ص 58.


****************
تكملة أمل الآمل، ج‏1، ص: 79
83- السيد جواد بن محمد الحسيني، العاملي‏
صاحب مفتاح الكرامة. ولد في قريتهم شقراء، من قرى جبل عامل، في حدود سنة نيّف و خمسين و مائة و ألف من الهجرة، على ما ذكره بعض أفاضل أرحامه. و هاجر إلى العراق، لتحصيل العلم. و نزل كربلاء، و لازم عالي مجلس درس السيد صاحب الرياض، و هو الذي ربّاه و نمّاه، و قرّبه و أدناه، كما صرّح في بعض إجازاته لبعض تلامذته.
ثم صار يحضر مجلس درس الآقا الوحيد البهبهاني. و بعده، هاجر إلى النجف. و لازم درس السيد بحر العلوم، و كتب تقرير درسه في الحديث. و كان عنوان درس السيد في الحديث كتاب الوافي للمحدّث الكاشاني. و أجازه السيد في الرواية. و قيل أنه حضر على شيخ الطائفة صاحب كشف الغطاء، بعد وفاة السيد بحر العلوم. و صنّف مفتاح الكرامة بالتماسه.

تكملة أمل الآمل، ج‏1، ص: 80
كانت كتابته أولا، تعليقه على كشف اللثام. كتب على باب القصاص من كشف اللثام، و فرغ منه في شهر رمضان سنة تسع عشرة و مائتين و ألف. و على كتاب القضاء إلى أواخر الفصل الثاني في العقود، و على كتاب الدّيات. و لمّا فرغ من تعليقته على باب القصاص، عن له أن يكتب على متن كشف اللثام، أعني القواعد، كما نصّ عليه في أول تعليقه على باب القصاص.
و لمّا أخذ في الكتابة على نفس القواعد بدأ بكتابة الفرائض: كتب الطهارة و الصلاة و الزكاة، ثم عدل إلى المعاملات و كتبها على الترتيب إلّا كتاب السبق و الرماية. ثم كتب كتاب العطايا و الوقف و الصدقة و الهبة و الإقرار و الوصيّة، و لم يتمّ كتاب الوصايا، بل برز منه إلى آخر البحث الأول من المبحثين الملحقين بالفصل الثالث من أحكام تصرفات المريض، فلم يمهله الأجل لإتمامه و توفي سنة 1226 (ست و عشرين و مائتين بعد الألف) قبل الشيخ كاشف الغطاء بسنتين.
و بعد كتاب الوصية، كتاب النكاح و كتاب الفراق و توابعه، و العتق، و كتاب الأيمان و توابعه. ثم كتاب الصيد و الذباحة، ثم كتاب الفرائض. و السيد لم يشرح من هذه الكتب، إلّا بعض كتاب الفرائض، و بعض كتاب الوصية. و له كتاب شرح طهارة الوافي، تقرير درس السيد بحر العلوم، لم يتم.
و له رسائل شتى في مسائل متفرقة، مثل:
رسالته في مسألة المقيم إذا خرج عن محل الترخّص بقصد العود.
رسالة في القراءة و .
و حاشية على طهارة المدارك، تقرير درس شيخه الشيخ حسين‏

تكملة أمل الآمل، ج‏1، ص: 81
نجف. وصل فيها إلى مسألة تنجّس القليل بالملاقاة.
و حاشية على الروضة من كتاب المضاربة، و الوديعة، و العارية، و المزارعة و المساقاة، و بعض الوصايا، و تمام النكاح و بعض الطلاق.
و حاشية على تجارة القواعد، و هي من تقريرات السيد بحر العلوم بدأ فيها بتفسير العوض، و ختم بمبحث ملك العبد.
و حاشية على كتاب الدّين، و على كتاب الرهن، من قواعد العلّامة، و هي تقريرات درس شيخ الطائفة الشيخ جعفر. أولها قوله:و يملك المقترض إلى آخر الرهن.
و رسالة في مسألة العصير العنبي و الزبيبي، و هي أيضا من تقريرات درس الشيخ جعفر.
و رسالة في ردّ الأخبارية.
و مسألة المواسعة و المضايقة. كتبها بأمر السيد صاحب الرياض.
و رسالة في الشكّ في الجزئيّة، و الشرطيّة في العبادات.
و له منظومة في الرّضاع.
و منظومة في الخمس.
و منظومة في الزكاة.
و له شرح وافية التوني، في مجلدين.
و حاشية على تهذيب الأصول، ناقصة.
و حاشية على مقدمة الواجب على المعالم.
و له إجازة كبيرة ذكر فيها جملة من مباحث علم الدراية.
كان واحد عصره، في طول الباع، و كثرة الاطلاع، على كلمات‏

تكملة أمل الآمل، ج‏1، ص: 82
الفقهاء. و كان الشيخ صاحب الجوهر أولا، من تلامذته المتخرّجين عليه، ثم صار إلى درس الشيخ صاحب كشف الغطاء، بعد رجوع الشيخ من سفر إيران.
و يروي السيد جواد عن أستاذه المير سيد علي، و الشيخ صاحب كشف الغطاء، و الميرزا المحقّق القمّي صاحب القوانين، و الآقا الوحيد البهبهاني، و السيد بحر العلوم المهدي، و غيرهم، ممن ذكرهم في إجازته الكبيرة. و يروي عنه جماعات من الفحول، كالشيخ صاحب الجواهر، و السيد صدر الدين، و أمثالهما من الأعلام. و منهم ولده السيد الجليل السيد محمد، فإنه يروي عن أبيه كلّ طرقه. و لا عقب له إلّا منه.
و للسيد محمد ثلاثة أولاد أمجاد. و هم السيد حسن، و السيد حسين، و السيد عباس، رحمهم اللّه جميعا. و الموجود اليوم بعض أولادهم، و السيد عباس منهم لم يعقّب.
و كان فاضلا أديبا، رحمة اللّه عليه.
و كان للسيد حسن، ولد فاضل جدا، اسمه السيد جواد، توفّي، رحمة اللّه عليه.


****************
أعيان الشيعة، ج‏4، ص: 288
السيد جواد و يقال محمد الجواد بن محمد بن محمد الملقب بالطاهر بن حيدر ابن إبراهيم بن احمد بن قاسم الحسيني العاملي الشقرائي المولد النجفي المسكن و المدفن صاحب مفتاح الكرامة
مولده و وفاته‏
ولد في قرية شقراء من قرى جبل عامل حدود سنة 1164 و توفي في النجف الأشرف سنة 1226 و قد صرح في أواخر بعض مجلدات مفتاح الكرامة الذي فرغ منه سنة وفاته 1226 انه يومئذ في عشر السبعين و دفن في بعض حجر الصحن الشريف في الصف القبلي المقابل لوجه أمير المؤمنين (ع) على يمين الخارج من باب القبلة و الداخل من باب الفرج الغربي بوصية منه لرؤيا رآها و قبره هناك مشهور مزور.
نسبه‏
الصواب في نسبه ما مر في صدر الترجمة اما ما في ترجمته الملحقة بمتاجر مفتاح الكرامة و بالقسم الأول من الرحيق المختوم من إسقاط اسم حيدر و إبراهيم بين محمد الثاني و احمد فغير صواب و يتصل نسبه الشريف‏

أعيان الشيعة، ج‏4، ص: 289
بالحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع. و يصف نفسه في مصنفاته كما وجدناه بخط يده الشريف بالحسيني الحسني الموسوي و انتسابه إلى الحسن و موسى ع من جهة أمهاته و جداته. و هو ابن أخي السيد أبي الحسن موسى جدنا الشهير في جبل عامل باني مسجد شقراء الكبير و مدرستها فان السيد حيدر والد السيد أبي الحسن كان له من الولد ستة ذكور و ابنتان كتب أسماءهم و تاريخ ولادتهم بخطه على بعض كتبه و أثبتنا ذلك في القسم الأول من الرحيق المختوم ص 353 و من جملتهم محمد الملقب بالطاهر و هو أكبرهم ولد في 29 جمادى الثانية سنة 1130 و المترجم هو حفيده فهو محمد الجواد بن محمد بن محمد المذكور فعلم انه ابن ابن أخيه فما في كتاب جواهر الحكم من انه ابن أخي السيد أبي الحسن مبني على التسامح في تسمية ابن الابن ابنا و الا فهو ليس ابنه لصلبه بل ابن ابنه.
و لكن الذي في كتاب نظم اللآل في علم الرجال للسيد محمد الهندي النجفي ان المترجم له هو ابن عم السيد أبي الحسن موسى لا ابن أخيه و عليه فيكون الصواب في نسبه انه محمد الجواد ابن محمد بن محمد بن حمد [احمد] إلخ. سافر المترجم إلى العراق مع عم أبيه أو ابن ابن عمه السيد حسين بن أبي الحسن موسى و معهما السيد حسن بن أبي الحسن موسى و لا ندري ان الجد السيد علي سافر معهما أو بعدهما لكنه اجتمع معهما في النجف عدة سنين بقينا و توفي المترجم قبل السيد حسين بأربع سنين و اما السيد حسن فذهب إلى قم كما ياتي في ترجمتهما ان شاء الله تعالى.
أقوال العلماء فيه‏
كان عالما فقيها أصوليا محققا مدققا ثقة جليلا حافظا متبحرا قارئا مجودا ماهرا في الفقه و الرجال و غيرهما زاهدا عابدا متواضعا تقيا ورعا مجدا مجتهدا متتبعا لأقوال الفقهاء مطلعا على آرائهم و فتاواهم عمدة في جميع ذلك حافظا متبحرا حسن الخط لم ير مثله في علو الهمة و صفاء الذات و الضبط و الإتقان و التتبع و الجد في تحصيل العلم و كان حريصا على كتابة كل ما يسمعه من نفائس التحقيقات.
و قال المحقق البهبهاني في اجازته له: استجاز مني العالم العامل و الفاضل الكامل المحقق المدقق الماهر العارف ذو الذهن الوقاد و الطبع النقاد مولانا السيد السند السيد محمد الجواد. و قال المحقق القمي في اجازته له بخط يده الشريف: استجازني الأخ في الله السيد العالم العامل الفاضل الكامل المتتبع المطلع على الأقوال و الأفكار الناقد المضطلع بمعرفة الأخبار و الآثار السيد جواد العاملي ادام الله إفضاله و كثر في الفرقة الناجية أمثاله انتهى. و ذكره صاحب الجواهر عند ذكره الرسائل الموضوعة في المضايقة و المواسعة فقال: كرسالة المولى المتبحر السيد العماد استاذي السيد محمد جواد و ذكره صاحب روضات الجنات فقال: كان من فضلاء الأواخر و متتبعي فقهائهم الأكابر و قد أذعن لكثرة اطلاعه و سعة باعه في الفقهيات أكثر معاصرينا الذين أدركوا فيض صحبته بحيث نقل ان الميرزا أبا القاسم صاحب القوانين كان إذا أراد تشخيص المخالف في مسألة يرجع اليه فيظفر به. و قال في ترجمة الميرزا القمي انه كان يرجع في مسائل الفقه عند شكه في وجود خلاف في المسألة إلى سيدنا الفقيه المتتبع السيد جواد العاملي صاحب 289 مفتاح الكرامة أيام إقامته عنده و نزوله عليه في قم المباركة.
تقولات صاحب الروضات‏
قال عند تعداد مؤلفاته ان له تعليقات كثيرة على القوانين تعرض فيها للرد و النقد جزاء لما كان يبلغه من جهة المصنف و العهدة على الراوي و ان كان المروي فيه من العرب. و حكي أيضا عن بعض أهل عصره ان صاحب الرياض كان ينكر فضله انتهى فانظر إلى قوله: جزاء لما كان يبلغه من جهة المصنف (اي انه قابل الإحسان بالاساءة) و إلى قوله: و ان كان المروي فيه من العرب تقض العجب فهل يتفوه بمثله من ينتسب إلى علم أو ورع و كأنه يبرأ من أصله العربي الكريم و هو ينتسب إلى الذرية الطاهرة.
و كم له في كتابه المذكور من سخافات لا تحصى و لا تصدر ممن ينسب إلى علم، كثر الناقمون عليه و الهازئون به بسببها و قد نشير إلى بعضها في بعض التراجم، اما استقصاؤها فمتعسر عاملنا الله و إياه بعفوه، مع انه ليس للمترجم تعليقات على القوانين و كأنه اشتبه عليه الأمر بما يحكى عن عمه أو ابن عمه و معاصره و مساكنه في النجف المحقق المدقق الأصولي الفقيه السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ابن السيد حيدر الحسيني العاملي من وجوه تلاميذ بحر العلوم المتوفى بالنجف سنة 1230 انه جرت بينه و بين صاحب القوانين حين قدومه إلى العراق مباحثات في حجية الظن المطلق و كان علماء النجف قد اختاروه لمباحثة القمي و أورد عليه السيد إيرادات لم يجب القمي عن جميعها في المجلس و أدرجها مع أجوبتها في مبحث الاجتهاد و التقليد من القوانين و أكثر من قوله فان قلت: قلت، و يقال ان المباحثة كانت بطلب من صاحب القوانين إلى علماء النجف فاختاروا لمباحثته السيد حسين المذكور و قصتها مشهورة كما ذكرناه في ترجمة السيد حسين المذكور فكأنه سمع بها فظنها مع المترجم و انها تعليق على القوانين و هو اشتباه في اشتباه و في كلامه كثير الأشباه. اما ما نقله بالواسطة عن صاحب الرياض فيكذبه ما وجدناه من حال كل من هذين العلمين مع الآخر و تعظيم كل منهما لصاحبه و ثنائه عليه و اطلعت على مكاتبة بينهما في بعض المسائل التي أفتى بها صاحب الرياض و بين له المترجم خطاه فيها فرجع إلى قوله بعد تراد المكاتبة بينهما سؤالا و جوابا و قد رأيتها بخطهما الشريف. و ذكر المترجم في خطبة بعض رسائله انها كانت بامر استاذه صاحب الرياض و هي رسالة المواسعة.
سيرته‏
كيف كان تحصيله للعلم‏
قرأ أولا في جبل عامل على عم أبيه أو ابن عمه السيد أبي الحسن موسى و على غيره ثم ذهب إلى العراق قاصدا النجف فلما ورد كربلاء لقي فيها المحقق البهبهاني و له فيها الدرس العامر و الرئاسة المسلمة فأثر البقاء هناك و عدل عن النجف و أخذ عنه و عن ابن أخته و صهره على ابنته صاحب الرياض و يظهر ان قراءته عليه كانت قبل قراءته على البهبهاني فإنه يعبر عن صاحب الرياض في بعض إجازاته و مصنفاته بأول من علمني و رباني و قربني و أدناني و لم يزل ملازما لدرسيهما مشغولا بذلك حتى عن زيارة النجف كما يقال ثم خرج إلى النجف و قد اشتهر فضله و كان المقدم فيها السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي فاخذ عنه و عن تلميذه الفقيه الشيخ جعفر في وقت‏

أعيان الشيعة، ج‏4، ص: 290
واحد و عن الزاهد العابد الشيخ حسين نجف و لم يزل ملازما لدرس الطباطبائي إلى وفاة الطباطبائي ثم استقل بالتدريس بعد سفر الشيخ جعفر إلى ايران و لم يعد اليه بعد رجوعه فوقعت بينهما لذلك وحشة ساعد عليها بعض المفسدين و كان يعبر عنه بالشيخ الأكبر الشيخ جعفر جعلني الله فداه و عن كل من بحر العلوم و صاحب الرياض بالعلامة على عصمة أجداده.
جده في تحصيل العلم‏
كان عديم النظير في الجد في تحصيل العلم فقد أفنى عمره في الدرس و التدريس و البحث و المطالعة و التصنيف و التأليف و خدمة الدين و استغرق في ذلك ليله و نهاره و عشيه و إبكاره بحيث لا يكاد يشغله عن ذلك شاغل من مرض أو ضعف أو قلق حتى في ليالي الأعياد و ليالي القدر و سائر ليالي شهر رمضان إلى ان بلغ سن الشيخوخة و هو لا يزداد الا رغبة و نشاطا و كان لا ينام من الليل الا أقله و ياتي انه سئل عن أفضل الأعمال في ليلة القدر فقال الاشتغال بطلب العلم بإجماع علماء الامامية و ذكر في جملة من مصنفاته انه فرغ منها نصف الليل و في بعضها بعد النصف و في بعضها ليلة القدر أو ليلة الفطر حتى انه أيام محاصرة الوهابي للنجف الأشرف في عدة دفعات من سنة 1221 إلى 1226 و ممانعة أهلها له و قيام العلماء معهم بالجهاد لم يفتر عن التأليف و التدريس مع اشتغاله مع العلماء بأمور الجهاد و مباشرة الحصار و تهيئة أسباب الدفاع و الطواف ليلا على الحرس و المحاربين فقد صنف يومئذ رسالة في وجوب الذب عن النجف و انها بيضة الإسلام. و صنف جملة من مجلدات مفتاح الكرامة و فرغ منها في تلك الحال كمجلد الضمان و الشفعة و الوكالة و كان في عشر السبعين و يدل على جده و اجتهاده ليلا و نهارا ما في آخر كثير من مجلدات مفتاح الكرامة انه فرغ منه ليلا فقد ذكر انه فرغ من مجلد الوقف فيما يقرب من نصف الليل و من مجلد الوكالة بعد انتصاف الليل و من المجلد الثاني من الطهارة في الربع الأخير من الليل و من مجلدي الشفعة و الإقرار ليلا و من بعضها ليلة القدر أو ليلة الفطر. حدثنا استأذنا الشيخ فتح الله الملقب بشيخ الشريعة الأصفهاني عن صاحب مفتاح الكرامة انه قال اجمع الامامية على ان أفضل الأعمال ليلة القدر الاشتغال بطلب العلم انتهى و يدل على صحة ذلك ما في آخر مجلد الإقرار من مفتاح الكرامة: كتبت في شهر رمضان من هذه السنة ثمانية اجزاء أو تسعة أو عشرة مع هذا التتبع و الاستيفاء و ذلك اني تركت له سائر الأعمال التي يعملها العاملون في شهر رمضان الا ما قل جدا مؤثرا للتحصيل على ذلك.
و قال حفيده السيد جواد ابن السيد حسن ابن السيد محمد ابن السيد جواد المترجم حدثتني مرارا ابنته من صلبه المشهورة بالتقوى و العبادة الجليلة القدر عند صاحب الجواهر و سائر العلماء إلى زمن الشيخ محمد حسين الكاظمي و تجاوز سنها الخمس و التسعين و هي صحيحة الحواس قوية الإدراك قالت: كان والدي لا ينام من الليل الا أقله و لا اعلم انني استيقظت ليلا فوجدته نائما و كان سبطه الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي معه في داره مدة فكان إذا فرغ من مطالعة ابحاثه ينام و يبقى جده مشغولا بشغله فيلتفت اليه و يقول ما هذا التعشق للنوم انا يكفيني منه هكذا و يضع رأسه بين ركبتيه و ينام ثم لا يكاد يلتذ بالنوم حتى يستيقظ و يرجع إلى شغله قالت: و كان أبي ربما يوقظ سبطه المذكور لنافلة الليل و يدعها هو و يقدم عليها الاشتغال بالعلم.
و المعروف من حاله على حد التواتر انه كان مشهورا بين علماء عصره من زمن حضوره على الآغا البهبهاني إلى يوم وفاته معروفا بالضبط و الإتقان 290 و صفاء الذات و ان اجلاء علماء عصره كانوا إذا أشكلت عليهم مسألة و أرادوا تدريسها أو تصنيفها أو الإفتاء بها و وجدوا اضطراب كلمات الأساطين و تعارض الأخبار فيها سألوه عما حققه فان أطلعهم و الا التمسوه على كتابتها فيقفون عند قوله لعلمهم بغزارة اطلاعه و جودة انتقاده و شدة تثبته و ممارسته الكلمات الفقهاء و خبرته بعلم الرجال و يدل على ذلك ان جل كتبه أو كلها بالتماس أساطين العلماء مما دل على انفراده بما لا يشركه فيه أكثر علماء زمانه انتهى فقد ألف مفتاح الكرامة و رسالة العصرة بطلب من استاذه الشيخ جعفر و رسالة المواسعة بطلب من استاذه صاحب الرياض.
و حاصر الوهابيون النجف في أيامه و قد كانوا حاصروا كربلاء سنة 1216 و دخلوها عنو [عنوة] و قتلوا الرجال و الأطفال و نهبوا الأموال و في سنة 1221 في الليلة التاسعة من صفر هجموا على النجف قبل الفجر و الناس في غفلة حتى ان بعضهم صعد السور و كادوا يأخذون البلد فردهم الله تعالى و في سنة 1223 هاجم سعود أمير عرب نجد النجف بعشرين ألف مقاتل و كانت النذر قد جاءت أهلها فحذروه و خرجوا جميعا إلى السور و معهم العلماء فأتاهم ليلا فوجدهم على حذر قد أحاطوا بالسور بالبنادق و الأطواب فحاصرهم حصارا شديدا فثبتوا له خلف السور و قتل منهم و قتلوا منه و رجع خائبا و كان المترجم له أول المباشرين للدفاع و هو المثير الرغبة و الحاث على الإقامة على السور حتى انه صنف في ذلك رسالة كما مر و في سنة 1225 أحاط الأعراب من عنزة القائلين بمقالة الوهابي بالنجف و كربلاء و قد قطعوا الطرق و نهبوا زوار الحسين (ع) بعد منصرفهم من زيارة نصف شعبان و قتلوا منهم جما غفيرا و كانت النجف كأنها في حصار و في سنة 1226 جاء عسكر الوهابيين إلى النجف و وقع في أطراف العراق كالحلة و المشهدين البلاء المبين من القتل في الزوار و المترددين و حرق الزرع و كان أهل النجف كالمحاصرين ذكر ذلك كله المترجم في أواخر مجلدات مفتاح الكرامة قال و العبد لم يترك الاشتغال مع ما نحن عليه من الحال مع مرض الجسم و اني في عشر السبعين. و في كل هذه الحروب و الحصار كان لا يفتا عن التأليف و التدريس كما سمعت و يتناوب مع العلماء في حفظ السور و تشجيع المرابطين فيقال انه مر عليهم ليلة و هم يشتغلون بضرب الدف و اللهو فنهاهم ثم عاد فرآهم نائمين فسال قائدهم فقال انما يوقظهم هذا الدف فقال يا بني دقوا على طبيلتكم دقوا فإنها عبادة. (قال حفيده المتقدم الذكر:) حكى لي بعض أهل الورع و الفضل و صدق الحديث في معرض بيان عظمة بحر العلوم و كمال هيبته في صدور أهل عصره انه اعتزل الدرس و المجلس ثلاثة أيام فاشتد الأمر على تلاميذه و عزموا ان يرسلوا اليه من يكون جريئا عليه فوقع اختيارهم على صاحب مفتاح الكرامة لعلمهم بمنزلته عنده فالتمسوه على ذلك فأجابهم فلما رآه استبشر به و جعل يعتذر من اعتزاله بأنه كان لما دهمه من الشك عند ملاحظة اخبار الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ما ورد من التحريض عليهما و التهديد على تركهما لمن تمكن و قال اني تمكنت في هذا الزمان مما لم يتمكن منه غيري فلم يحصل لي يقين الخروج عن عهدة هذا التكليف و لا انكشف عن قلبي حجاب الشك الا مع رؤيتك و ذلك بيمنك و بركتك و الحمد لله ثم أخذ بيده و خرج مظهرا للجماعة انها كرامة للسيد.
و اما تعظيمه لأهل العلم و لا سيما مشايخه فلم يعهد مثله من غيره قديما و حديثا كما يظهر من ديباجات كتبه و ذلك من أقوى الدلائل على رسوخ قدمه في التقوى و مكارم الأخلاق و صفاء الايمان و قال بعض العلماء ما رأيت مصنفا كصاحب مفتاح الكرامة فإنه يود ان ينسب جميع ما حققه في مصنفاته‏

أعيان الشيعة، ج‏4، ص: 291
إلى مشايخه هضما لنفسه و قال في خطبة بعض مصنفاته: ما كان فيه من تحقيق سمين فهو للاستاذ و ما كان فيه من غث فهو لي. و هذا ما رأيته من غيره من المصنفين انتهى و قال حفيده في رسالته: تلي في بعض مدايحه في بحر العلوم فقال بعض الجالسين هذه مغالاة فقلت له انه يعبر عنه و عن صاحب الرياض بالعلامة على عصمة أجداده فزاد تعجبه انتهى.
فراسته‏
كان معروفا بالفراسة فمن فراسته الصادقة ما حدث به الفقيه الشيخ محمد طه نجف عن الشيخ الأجل الشيخ جواد نجف قال: كان بين والدي و بين صاحب مفتاح الكرامة مودة أكيدة فاجتمعا يوما و انا طفل اخدمهما بما أطيقه فكان السيد يقول لوالدي ان ولدك هذا سيكون له حظ وافر من العلم أو نحو ذلك. يقول الشيخ جواد نجف: و كانت للسيد يد بالفراسة و لم تخطئ الا في هذا الموضع يقول ذلك هضما لنفسه (و منها) ما حدثني به بعض بني عمنا الصالحين عن الشيخ الفقيه الشيخ عبد الله نعمة العاملي قال لما عزمت على التوجه إلى رشت استشرت شيخنا صاحب الجواهر فلم يرض لي بذلك ثم مست الضرورة إلى السفر فلما كانت الليلة التي أزمعت على السفر في صبيحتها دخلت الحضرة الشريفة فوجدته خارجا منها فأخبرته بعزمي فاخذ بيدي حتى اوصلني إلى الحجرة المدفون فيها استاذه صاحب مفتاح الكرامة فقال لي يا بني صاحب هذا القبر سبب عزي في الدنيا و الآخرة و قد كنت بعد حضوري درسه حضرت درس الشيخ الأكبر الشيخ جعفر فعزم على ارسالي إلى أصفهان فاستشرت صاحب هذا القبر فمنعني و بشرني بانني أكون صاحب المنبر الأعظم في النجف و لما رأى إصرار الشيخ جعفر على ارسالي و خشي من اجابتي له أرسل خلف والدتي و أمرها بمنعي عن ذلك و انا أنصحك كما نصحني استاذي الذي بسببه صرت إلى ما ترى و انا مواظب على زيارة قبره و قراءة الفاتحة له كل ليلة. قال الشيخ عبد الله: و كان امر الله قدرا مقدورا فسرت في صبيحة تلك الليلة على علم من الشيخ بمعذوريتي. (و منها) ما شاع و ذاع و جاوز حد التواتر من قوله عند وقوع سبب افتراق الفرقتين المعروفتين في النجف بالزكرت و الشمرت و وقوع العداوة بينهما و المقاتلة في دائم الأوقات إلى وقت احتلال الإنكليز العراق، و ذلك ان بعض السادة القاطنين خارج النجف كانت له أخت فخطبها رجل فمنعها أخوها من التزويج به فشكته إلى الشيخ جعفر فأرسل في طلبه جماعة و أمرهم بإحضاره قهرا ان لم يحضر طوعا فنهاه السيد عن ذلك و قال ان أحضرته قهرا لتلقحن فتنة لا تنطفي ابدا فلم يقبل حيث رأى لزوم ذلك من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلما جاءوا إلى السيد امتنع عليهم فأرادوا إحضاره قهرا فقاتلهم فقتلوه و ثارت فتنة من ذلك اليوم إلى هذا العصر و القضية مشهورة و أشار إليها صاحب الجواهر في كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كان اسم المرأة أم السعد و الخرابة المسماة (خرابة أم السعد) في محلة العمارة بالنجف منسوبة إليها و هي دارهم و لم تزل خرابا قرونا متعددة.
مشايخه في التدريس‏
و قد علموا مما مر في سيرته لكننا نسرد هنا أسماءهم (1) عم أبيه أو ابن عمه السيد أبو الحسن موسى جد جد المؤلف قرأ عليه في جبل عامل 291 (2) السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض (3) الآقا محمد باقر بن الآقا محمد أكمل البهبهاني قرأ عليهما في كربلاء (4) السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (5) الشيخ جعفر بن خضر الجناجي (6) الشيخ حسين نجف قرأ عليهم في النجف.
مشايخه في الإجازة
يروي بالاجازة عن جماعة منهم اساتيذه في التدريس (1) البهبهاني (2) الطباطبائي (3) و (4) صاحب الرياض و كشف الغطاء و منهم (5) المحقق الميرزا أبو القاسم القمي صاحب القوانين و تاريخ اجازته له في جمادى الأولى سنة 1206. تلاميذه‏
تخرج به جماعة من الفقهاء الكبار و غيرهم (1) صاحب الجواهر (2) الشيخ مهدي ابن ملا كتاب الكردي (3) الشيخ محسن الأعسم (4) السيد صدر الدين محمد بن صالح بن محمد شرف الدين بن إبراهيم بن زين العابدين الموسوي العاملي المعركي الساكن بأصبهان (5) جدنا السيد علي بن السيد محمد الأمين الذي انتهت الرئاسة العلمية في جبل عامل (6) الآقا محمد علي بن الآقا محمد باقر الهزاز [الهزار] جريبي المازندراني النجفي (7) الشيخ جواد بن محمد تقي بن محمد المدعو بملا كتاب الكردي النجفي (8) ولد المترجم له السيد محمد و غيرهم من أفاضل العلماء.
من روى عنه بالاجازة
هو أحد شيوخ الإجازة استجازه جل فضلاء عصره (1) تلميذه صاحب الجواهر (2) ولده السيد محمد (3) سبطه الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي (4) الآغا محمد باقر الهزاز [الهزار] جريبي المازندراني (5) الآميرزا عبد الوهاب و تاريخ اجازته له في ربيع الأول سنة 1225 (6) الشيخ جواد بن تقي ابن ملا كتاب الكردي و غيرهم.
عقبه‏
أعقب ولده السيد محمد و منه الذرية و بنتا عمرت طويلا.
مصنفاته‏
له مصنفات كثيرة (1) مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة و هو أكبر مصنفاته و أحسنها و أشهرها و هو أعظم معين لتلميذه على تصنيف الجواهر و بالجملة فهو في بابه عديم النظير بين مصنفات أصحابنا و هو في اثنين و ثلاثين مجلدا مخطوطا فيما يزيد عن ثلاثمائة ألف بيت و كل بيت خمسون حرفا كلها على القواعد الا مجلد القصاص فكان قد كتب بعضه على كشف اللثام ثم كتب باقية على القواعد يحتوي على جميع كتب الفقه عدى بعض الزكاة و تمام الخمس و الحج و الصوم و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و السبق و الرماية و بعض الوصايا فإنه وصل فيها إلى آخر البحث الأول من البحثين الملحقين بالفصل الثالث من أحكام تصرفات المريض و عدى النكاح و توابعه من الطلاق و الخلع و المباراة و العتق و الايمان و توابعها و الكفارات و الصيد و الذباحة و بعض القضاء فإنه وصل فيه إلى أواخر الفصل الثاني في العقود و عدى الشهادات و الحدود و بعض الجنايات فإنه ترك من أولها مقدار ورقة و نصف من سبع أوراق و ابتدأ باوائل المطلب الثاني في الجناية الواقعة بين المماليك تعليقا على كشف اللثام مقدار ثلاث أوراق من‏

أعيان الشيعة، ج‏4، ص: 292
سبع إلى أول المطلب الثالث في كيفية الاستيفاء و منه إلى آخر الجنايات مقدار ورقتين و نصف من سبعة شرحا على القواعد و عدى بعض الديات فإنه وصل فيها إلى أواسط المقصد الخامس في دية الجنين. و هذا الكتاب صنفه بطلب من شيخه الشيخ جعفر الجناجي النجفي بدأ فيه سنة 1199 و بقي يكتب فيه إلى عام وفاته سنة 1226 قال في خطبته امتثلت فيه امر استاذي الامام العلامة الحبر الأعظم الشيخ جعفر جعلني الله فداه قال ادام الله حراسته أحب ان تعمد إلى قواعد العلامة فتنظر إلى كل مسألة اختلفت فيها كلمات الأصحاب و تنقل أقوالهم و تضيف إليها شهرتهم و إجماعهم و تذكر أسماء الكتب التي ذكر فيها ذلك و إذا عثرت على دليل في المسألة لم يذكروه فاذكره و متنه و أذكر عند اختلاف الأخبار مذاهب العامة على وجه الاختصار ليكمل نفعه و يعظم وقعه حيث ان المختلف و ان كان عميم الفائدة الا انه قد خلا عن ذكر كثير من الخلافيات و ما ذكر فيه منها قد خلا عن ذكر كثير من الأقوال. و قد حاز هذا الكتاب شهرة واسعة و استنسخت منه عدة نسخ في حياة مؤلفه و بعد وفاته و تنافس أهل المكتبات في اقتنائه و ايداعه مكتباتهم و قد اشتريت معاملاته وحدها في النجف قبل ان يطبع بأربع ليرات عثمانية ذهبية و كنت لا أملك الا بعضها مع احتياجي إلى إنفاق ذلك البعض و كانت عرضت على امام جمعة تبريز المثري بهذه القيمة فارادها بأقل لأنه لم يكن يدور في خلده ان أحدا من طلاب العلم الذين جلهم أو كلهم فقراء يشتريها بهذه القيمة فلما بلغه انني اشتريتها ندم و كانت عنده اجزاء العبادات بنفس هذا الخط و القطع و كاتبهما واحد فراودني على بيعها بزيادة في القيمة فأبيت و وسط لي وسائط من وجوه العلماء فأبيت و أخيرا قلت للواسطة ان كان يبيع ما عنده من اجزاء العبادات فانا مستعد لشرائها بالقيمة التي يريدها فاغتاظ من هذا الجواب كثيرا و يئس من أخذها و أخيرا قال لي بعض أصحابه ان المعاملات التي عندك مسروقة لأنها بخط المعاملات التي عندي و قطعها فقلت له بل العبادات التي عندكم مسروقة لأنها بخط المعاملات التي عندي و قطعها. و كنت نسخت كتاب المواريث بخطي في النجف عند تاليفي كتاب كشف الغامض في أحكام الفرائض. و مع كون هذا الكتاب كان مرغوبا فيه جدا قبل طبعه فلما طبع منه عدد كثير و اعطي مجانا نقصت الرغبة فيه و قد طبع ثمانية مجلدات ضخام سبعة منها طبعت في مصر و طبعنا مجلد الأمانات في دمشق و بقيت مجلدات القضاء و الشهادات و الحدود و القصاص و الديات لم تطبع و هي نحو المجلدين فإذا طبعت كانت مجلداته عشرة تحوي جميع مجلداته الاثنين و الثلاثين المخطوطة. و هذا تفصيل مجلداته المطبوعة (1) مجلد الطهارة (2) و (3) مجلدا الصلاة و الزكاة (4) مجلد البيع (5) مجلد الدين و توابعه (6) مجلد الأمانات و هو الذي طبعناه بدمشق (7) مجلد احياء الموات و توابعه (8) مجلد الفرائض و المواريث. و قد قرضه عدة من العلماء و الفضلاء و الشعراء و الأدباء فمن ذلك ما على مجلد الوصية و لم يعلم منشئه:
ألا ان (القواعد) حين وافت لدين محمد صارت دعامة
لقد جمعت قواعده جميعا و قد حفظت مقاصدها نظامه‏
و لكن أعيت العلماء طرا و قد جهدوا فما بلغوا مرامه‏
و كم قد أشكل الأشكال منها و ما من كاشف عنه لثامه‏
و لا من جامع للقصد فيها و ان مزجوا بإيضاح كلامه‏
و حيث تغلق الأبواب عنها أتى الباري (بمفتاح الكرامة)
...
و لمؤلفه فيه تقاريض تأتي عند ذكر أشعاره
(2) من مصنفاته شرح طهارة الوافي و هو تقرير بحث استاذه بحر العلوم يتكلم في الخبر أولا على السند ثم المتن ثم الدلالة ابتدأ فيه برواية علي بن جعفر عن أخيه في رجل رعف فامتخط فصار الدم قطعا إلخ لأنه لما عزم على الكتابة كان الدرس في هذا الخبر و انتهى فيه عند الشروع في باب مسح الأذنين و القفا في الوضوء و هو كتاب نفيس يشتمل على تحقيقات رجالية و فوائد في معاني الأخبار جليلةيقرب من ثلثي الروضة
(3) حاشية على طهارة المدارك تقرب من خمسة آلاف بيت كتبها أيام قراءته على بحر العلوم بدأ فيها بتفسير العوض و انه يصدق على الثمن و المثمن و ختم بمبحث ملك العبد و عدمه تقرب من ألف و مائتي بيت
(5) حاشية على كتاب الدين و الرهن من القواعد كتبها حين قراءته على الشيخ جعفر ابتدأ فيها من قوله و يملك المقترض و انتهى فيها إلى أواخر الرهن عدى عن ثلاث ورقات من آخره تقرب من ألفين و ثلاثمائة بيت
(6) رسالة مبسوطة في العصيرين العنبي و التمري كتبها بالتماس استاذه الشيخ جعفر حين قراءته عليه هذه المسألة و قال له الذي يظهر لي الآن حليتهما و ان استاذهما بحر العلوم يذهب إلى التحريم فيها فأحب ان‏

أعيان الشيعة، ج‏4، ص: 293
تكتب ما ذكر في هذه المسألة من الشهرة و الأقوال و الإجماعات و تورد جميع ما تجده في الوافي و الوسائل من الروايات و سماها العصرة في العصير و وجدت عليها بخط شيخه الشيخ حسين نجف ما لفظه: من فضل الله علي ان وفقت للنظر فيها و تطلعت على أسرار معانيها و لقد علقت بها و تصفحتها فوجدتها روضة غناء و حديقة فيحاء لم تسمح قريحة بمثلها و لم نر في هذا المضمار على طرزها و لقد أزاحت الشك و الشبه و الريب و تجلى بها إلى الشهادة ما كان العلم به من الغيب فلله درة ما احقه بعظيم الأجر و جزيل الجزاء و جميل الذكر و حسن الثناء حرره ذو التفريط و السرف أقل الطلبة حسين نجف و عليها تقريظات اخر تركناها خوف الاطالة
(7) رسالة في المواسعة و المضايقة كتبها بالتماس شيخه صاحب الرياض و سماها الرحمة الواسعة في المضايقة و المواسعة و أشار إليها في مفتاح الكرامة و قال بينا فيها أدلة الأقوال في المسألة و ما يرد عليها و استوفينا الكلام أكمل استيفاء و قال أيضا: و قد استوفينا ذلك كله في الرسالة و ذكرنا اخبار الأقوال كلها و بينا الحال فيها بما لا مزيد عليه حتى اتضح الحال و اندفع الاشكال و كانت حرية بما سميناها به و هو الرحمة الواسعة في مسألة المضايقة و المواسعة
(8) حواش على الروضة على كتاب المضاربة و الوديعة و العارية و المزارعة و المساقاة و بعض الوصايا و تمام النكاح و بعض الطلاق تقرب من نصف الروضة
(9) منظومة في الرضاع تقرب من مائة و أربعين بيتا (10) منظومة في الخمس تقرب من ثمانين بيتا نظمها باسم استاذه بحر العلوم أولها:
الحمد لله و صلى الباري على النبي الطاهر المختار
إلى قوله:
فهاك راق في الرضاع ليسهل الحفظ على الطباع‏
إلى قوله:
من يمن مولانا عظيم الأجر السيد المهدي فخر العصر
(11) منظومة في الزكاة تقرب من مائة و عشرة أبيات قال في مدحها بعض الفضلاء:
و منظومة غراء تزهو كأنها قلائد تبر في ترائب أبكار
و تعلو على أمثالها ان تلوتها فتبصر نظما لا يمل بتكرار
(12) رسالة حقق فيها مسألة جواز العدول عن العمرة عند ضيق الوقت إلى الأفراد
(13) شرح الوافية في الأصول مجلدان أكبر من القوانين تام على الظاهر الا قليلا بسط فيه الكلام و تعرض لأغلب كلمات الأساطين من الأصوليين و الأخباريين المتقدمين و المتأخرين شارحي الوافية و غيرهم و ذكر فيه جميع ما وقع من المباحثة و المناظرة بين العلمين العيلمين الشيخ الأكبر الشيخ جعفر و السيد الفاضل المتقن السيد محسن البغدادي في جريان أصل البراءة في اجزاء العبادات و أول الموجود منه بخطه الشريف في بطن الورقة قوله: لا يقال اختلاف المتعلق إلخ و آخره في التراجيح
(14) رسالة في تحقيق مسألة الشك في الشرطية و الجزئية في العبادات و ذكر فيها مباحثته في ذلك مع شيخيه صاحب الرياض و بحر العلوم
(15) رسالة ذكر فيها مناظرة الشيخ الأكبر الشيخ جعفر و الفاضل المتقن السيد محسن الكاظمي بالتمام و ما تكاتبا به بعض المسائل و فيها ورقة بخط الشيخ جعفر بيده
(16) حاشية صغيرة على أول تهذيب الأصول
(17) حاشية على المعالم في مقدمة الواجب
(18) رسالة في علم التجويد طبعت بمصر
(19) رسالة في 293 الرد على الأخباريين نافعة جدا و كتب المحقق البغدادي على ظهرها بخطه أحسنت و أجملت و أفضلت حكمة و صوابا و موردا عذبا و مستزادا لبابا لا زلت موفقا لهداية الخلق و إرشاد الناس إلى الحق و الكشف عن الخفايا و الدلالة على الخبايا و كتب على ظهرها بعض الأفاضل:
بقيت على الدهر يا ابن النبي و هذا دعا شامل للأنام‏
و لا زلت تحمي حمى المكرمات و تنهج منهجها للكرام‏
خصمت و قد طال داء النزاع بمنطق فصل ألد الخصام‏
و لا غرو إذ لم تزل دائبا شموس نهارك تجلو الظلام‏
و كم رضت في العلم صعب القياد و دون ذويه ملكت الزمام
‏ فهم درجات لكل مقام و ان مقامك أعلى السنام‏
(20) رسالة وجوب الذب عن النجف الأشرف و إثبات انها بيضة الإسلام مختصرة كتبها من حفظه و لم تكن عنده كتبه
(21) رسالة فيما جرى بينه و بين صاحب الرياض في مسألة أفتى بها صاحب الرياض و خطاه المترجم و تراد الكلام بينهما سؤالا و جوابا حتى رجع صاحب الرياض إلى قوله
(22) رسالة في أصل البراءة ذكر فيها أولا كلام السيد محسن الأعرجي ان الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينية و تكلم في الرد عليه ثم أورد ما كتبه السيد محسن في الجواب عنه ثم أورد جوابه و هكذا إلى آخر الكتاب بعنوان قال سلمه الله و أقول: ذكرها صاحب الذريعة و قال ان النسخة موجودة عند الشيخ هادي آل صاحب كشف الغطاء و انها كتبت عن نسخة الأصل التي عليها حواش بإمضاء محمد تقي و المظنون انها للشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم انتهى. هذا ما وقفنا عليه من مصنفاته. و عد فيها صاحب روضات الجنات تعليقات كثيرة على القوانين و هو اشتباه كما عرفت.
مكتبته‏
كانت له مكتبة غنية بكتب الفقه و الحديث و الرجال و غيرها حاوية لجميع كتب الفقه و الحديث أو جلها للقدماء و المتأخرين كما يدل عليه نقله عنها في مفتاح الكرامة بغير واسطة و كلها كانت مخطوطة لأن فن الطباعة لم يكن قد انتشر يومئذ.





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Thursday - 4/12/2025 - 8:20
کتاب «قواعد التجوید»
للسید جواد العاملی صاحب مفتاح الکرامة