بسم الله الرحمن الرحیم

الکتب المؤلفة فی رسم المصحف

فهرست مباحث علوم قرآنی
فهرست القرائات
رسم المصحف
مصاحف
متن کتاب المقنع في رسم مصاحف الأمصار-للداني
رسم المصحف و ضبطه
كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان العامة
روش کتابت مسلمین در صدر اسلام
آیا رسم مصحف، توقیفي است؟



الفهرست (ص: 55)
الكتب المؤلفة في اختلاف المصاحف:
كتاب اختلاف مصاحف أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة عن الكسائي كتاب اختلاف المصاحف لخلف كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف للفراء كتاب اختلاف المصاحف لأبي داود السجستاني كتاب اختلاف المصاحف وجميع القراءات للمدائني كتاب اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق لابن عامر اليحصبي كتاب محمد بن عبد الرحمن الأصفهاني في اختلاف المصاحف.


الفهرست (ص: 56)
الكتب المؤلفة في مقطوع القرآن وموصوله:
كتاب الكسائي كتاب حمزة بن حبيب كتاب عبد الله بن عامر اليحصبي.


الفهرست (ص: 56)
الكتب المؤلفة في هجاء المصاحف:
كتاب يحيى بن الحارث كتاب بن شبيب كتاب أحمد بن إبراهيم الوراق.


الفهرست (ص: 82)
أخبار أبي حاتم السجستاني: ... كتاب اختلاف المصاحف



الذريعة إلى ‏تصانيف‏ الشيعة، ج‏2، ص: 353
1421: إنارة الحالك في قراءة (ملك و مالك‏
في سورة الفاتحة، و ترجيح الأول منهما باثني عشر وجها بعد طي عشر مقدمات لشيخنا الأستاد ميرزا فتح الله بن محمد جواد الشيرازي النمازي الشهير بشيخ الشريعة الأصفهاني النجفي المتوفى بها سنة 1339، كتاب مبسوط جليل يقرب من ألفين و ثلاث مائة بيت أوله (الحمد لله الذي أرانا أظهر بينات و أبهر حجج و أودع فينا قرآنا عربيا غير ذي عوج) فرغ منه عاشر صفر سنة 1324 و جعل له خاتمة ذكر فيها ما أخرجه أهل السنة في كتبهم من أحاديث التحريف أي التنقيص عن الآيات النازلة قرآنا
و جعل للخاتمة ذيلا مشتملا على خمس فوائد كل منها ذات فوائد علمية مفيدة و غالبها مبتكرات،
و قد بين في هذا الكتاب حال القراءات الغير المشهورة في ست و عشرين آية من آيات القرآن الشريف و فصل بينها بأن تلك القرآن تسعة منها مخالفة لرسم المصحف و البقية موافقة،
ثم إن ثلاث عشرة من تلك القراءات الموافقة للرسم ثابتة عن القراء السبعة أو العشرة أيضا و أربعة عن غيرهم ثم رجح القراءة الغير المشهورة في اثني عشر موضعا من الثلاثة عشر المذكور إنها موافقة للرسم و ثابتة أيضا عن القراء المدعى تواتر قراءتهم،
و المواضع هذه (1) ملك بحذف الألف (2) سراط بالسين (3) عليهم بالضم فيهما (4) كفوء بالهمزة (5) أرجلكم بالخفض (6) رجلك بسكون الجيم (7) المجلس بحذف الألف (8) من تحتها بزيادة من (9) سالما بزيادة الألف (10) تستطيع في المائدة بالتاء و نصب‏ ربك (11) أ فحسب في الكهف بسكون السين (12) عرف بعضه بالتخفيف‏



الذريعةإلى‏تصانيف‏الشيعة، ج‏18، ص: 18
(465: كشف الأسرار في مصاحف الأمصار)
للحافظ محمد بن محمود بن محمد الشريف، السمرقندي المحتد، الهمداني المولد، أحال إليه في كتابه عين الترتيل بيان أن الهمزة لا صورة لها وصفا، بل يكتب واوا و ياء و ألفا، و رأيت قطعة من كشف الأسرار عن رسم مصاحف الأمصار المرتب على خمس و عشرين بابا، و هي إلى الباب السادس في مجموعة كتابتها في 931 كتب عليها أنه لأبي يحيى محمد بن محمود بن محمد الشيرازي القاري الشافعي. فراجعه.



التمهيد في علوم القرآن ج‏1 7 المقدمة ..... ص : 5
أمّا عهد التدوين فيرجع الى مؤخّر القرن الأوّل، فكان أوّل من صنّف في القراءة هو يحيى بن يعمر (توفي سنة 89 ه) أحد تلاميذ أبي الأسود الدؤلي.
ألّف كتابه في «القراءة» في قرية واسط، و يضمّ الاختلافات التي لوحظت في نسخ القرآن المشهورة. كما في «تأريخ التراث العربيّ» لفؤاد سزكين.
* و في القرن الثاني، صنّف الحسن بن أبي الحسن يسار البصري (ت 110) كتابه في «عدد آي القرآن».
و عبد اللّه بن عامر اليحصبي (ت 118) كتابه في «اختلاف مصاحف الشام و الحجاز و العراق» و «المقطوع و الموصول» في الوقف و الوصل.



******************
رسم المصحف، ص 139
أولا: الكتب المؤلفة في الرسم: قبل أن نذكر أهم المؤلفات التي كتبت في الموضوع، و ما سنعتمد عليه منها، نشير إلى أن من بين الدوافع إلى التأليف في هذا المجال - إلى جانب الحرص على كل ما يتعلق بكتاب اللّه تعالى - هو أن كثيرا من هجاء الكلمات في المصحف قد جاء على أكثر من صورة ، على ما كان شائعا من قواعد الهجاء آنذاك، لكن الناس بعد تدوين العلوم و ازدياد استعمالهم للكتابة مالوا إلى توحيد قواعد الهجاء. و ظهرت المدارس النحوية في البصرة و الكوفة، و كان من بين اهتمامات علماء المدينتين أن يقدموا أسلوبا أيسر للكتابة، شعارهم في ذلك أن الأصل في الكتابة مطابقة الخط للفظ بتقدير الابتداء

رسم المصحف، ص 140
به و الوقف عليه، فاتجه الناس تدريجيا إلى استعمال الصور الجديدة لهجاء الكلمات، لكن نساخ المصاحف ظلوا حريصين على ألاّ يخرجوا على شيء مما في رسم المصاحف، فقد شملت العناية طريقة الكتابة من القرآن الكريم، إضافة إلى أن ارتباط الرسم بالقراءات كان عاملا أساسيا في الحفاظ على رسم الكلمات على صورتها القديمة، و من هنا فقد اتجه علماء القراءات و العربية - منذ وقت مبكر - إلى حصر الكلمات التي جاءت في المصحف مكتوبة بصورة تخالف ما اصطلح عليه الناس في الفترات اللاحقة، و كانت حصيلة ذلك الاتجاه و تلك الجهود هو هذه القائمة الطويلة من المؤلفات في موضوع رسم المصحف، و التي حفظت للمصحف صورته التي خطّ بها منذ أنزل، و حفظت لنا الصورة التي كانت عليها الكتابة العربية في تلك الحقبة المتقدمة من تاريخها. و مع أن صاحب مفتاح السعادة لم يذكر عند حديثه عن موضوع الرسم إلا أسماء ثلاثة كتب ، و مع أن صاحب كشف الظنون لم يفعل أكثر مما فعله إلا قليلا ، إلا أن كتب التراجم و فهارس المكتبات و كتب القراءات غنية بأسماء المصنفات في هذا العلم، إذ قد أفرده بالتصنيف خلائق من المتقدمين و المتأخرين ، و ألف فيه الناس كتبا كثيرة ما لها عدة . و سنحاول هنا الإشارة إلى أهم تلك المصنفات بادئين بأقدمها، إذ هي الأساس الذي نقل صورة المصاحف العتق، و كانت عماد المتأخرين في تدوين مؤلفاتهم في موضوع الرسم.
يذكر ابن النديم كتابين لإمام الشامعبد اللّه بن عامر اليحصبي (ت 118 ه‍) في موضوع المصاحف و رسمها، الأول (كتاب اختلاف مصاحف الشام و الحجاز و العراق). و الثاني كتاب في (مقطوع القرآن و موصوله) ،
و ألف تلميذه يحيى بن الحارث الذماري (ت 145 ه‍)كتابا في (هجاء المصاحف) .

رسم المصحف، ص 141
و يذكر ابن النديم - أيضا -لحمزة بن حبيب الزيات (ت 156 ه‍)، إمام الكوفة، كتابا في (مقطوع القرآن و موصوله) .
و ألّف الكسائي (المشهور أنه ت 189 ه‍)، إمام الكوفة بعد حمزة، كتاب (اختلاف مصاحف أهل المدينة و أهل الكوفة و أهل البصرة) . و كتاب (الهجاء) ، و كتاب (مقطوع القرآن و موصوله) .
و للفراء (ت 207 ه‍) كتاب في (اختلاف أهل الكوفة و البصرة و الشام في المصاحف) . و هو في كتابه (معاني القرآن) كثيرا ما يتحدث عن هجاء بعض الكلمات، و فيه روايات قيّمة عن الكتابة العربية،
كذلك يروى لخلف بن هشام (ت 229 ه‍) كتاب في اختلاف المصاحف .
و قد أشرنا من قريب إلى أن كثيرا من روايات الرسم قد جاءت عن إمام المدينة نافع بن أبي نعيم (ت 169 ه‍)، و قد ألف تلامذته كتبا في ذلك من روايتهم عنه، فهذا الغازي بن قيس الأندلسي (ت 199 ه‍) قد رحل إلى المشرق و أقام في المدينة و شهد تأليف مالك للموطأ، و أدرك نافعا و قرأ عليه، و هو أول من أدخل قراءته إلى

رسم المصحف، ص 142
الأندلس . و صحح مصحفه على مصحف نافع ثلاث عشرة مرة ، فألّف كتابه (هجاء السنة) الذي دوّن فيه روايته عن أهل المدينة في رسم المصحف .
و كان قالون (ت 220 ه‍) تلميذ نافع من أشهر رواة أستاذه في الرسم إلا أن المصادر لم تذكر له كتابا في ذلك، لكن قوله «قرأت على نافع قراءته غير مرة و كتبتها في كتابي» قد يشير إلى أنه ربما ذكر في كتابه أيضا ما رواه عن نافع في الرسم.
و أورد أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224 ه‍) فصلا عن اختلاف مصاحف أهل الأمصار في كتابه (فضائل القرآن و معالمه و أدبه) .
و كان أبو المنذر نصير بن يوسف النحوي (ت في حدود 240 ه‍) من جلّة أصحاب الكسائي و علمائهم، أخذ القراءة عنه عرضا، و كان من الأئمة الحذاق، لا سيما في رسم المصحف، و له فيه مصنف رواه عن الأئمة السابقين له .
و كان محمد بن عيسى الأصبهاني (ت 253 ه‍) ممن قرأ على نصير، و روى عنه ما ذكر في كتابه من روايات في الرسم، و ألّف هو - أيضا - كتابه (هجاء المصاحف) .
و لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني (المشهور أنه ت 255 ه‍) كتاب (اختلاف المصاحف) و كتاب (الهجاء) .

رسم المصحف، ص143
و لأحمد بن إبراهيم الورّاق (ت في حدود 270 ه‍)، ورّاق خلف، كتاب في (هجاء المصاحف) .
و عقد ابن أبي داود (ت 316 ه‍) في كتابه (المصاحف) عدة فصول في اختلاف خطوط المصاحف و ما اجتمع عليه كتابها، و ما كتب فيها على غير الخط .
و ممن اشتهر برواية الرسم و التأليف في علوم القرآن أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري ، (ت 327 ه‍) فله كتاب (الهجاء) . و كتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان) . و قد أورد في كتابه (إيضاح الوقف و الابتداء في كتاب اللّه عز و جل) كثيرا من الروايات المتعلقة بالرسم.
و لأبي بكر محمد بن الحسن (ت 354 ه‍)، المشهور بابن مقسم العطار المقرئ، كتاب (اللطائف في جمع هجاء المصاحف) . و له أيضا كتابا (المصاحف) .
و لأبي بكر محمد بن عبد اللّه بن أشتة الأصبهاني (ت بمصر 360 ه‍) كتابان في الرسم . الأول كتاب (المحبر) و قد قال عنه ابن الجزري : «كتاب جليل يدل على

رسم المصحف، ص 144
عظم مقداره». و الثاني كتاب (علم المصاحف).
و لأبي بكرأحمد بن الحسين بن مهران النيسابوري (ت 381 ه‍) ، صاحب كتاب الغاية في العشر، كتاب (الهجاء) .
و ألف أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت بعد 430 ه‍) كتاب (هجاء مصاحف الأمصار) .
و ألف مكي بن أبي طالب القيسي الأندلسي (ت 437 ه‍) كتاب (هجاء المصاحف) جزءان .
و لأبي عبد اللّه محمد بن يوسف بن معاذ الجهني (ت في حدود 442 ه‍) كتاب (البديع في هجاء المصاحف) .
و قد بلغ التأليف في رسم المصحف ذروته بما كتبه أبو عمرو عثمان بن سعيد الأموي الداني المعروف في زمانه بابن الصيرفي، الإمام الحافظ أستاذ الأستاذين و شيخ مشايخ المقرئين - كما يقول ابن الجزري - فقد ألف فيه كتبا عدة ، حتى قال اللبيب «رأيت لأبي عمرو الداني، رحمه اللّه، في برنامج مائة و عشرين تأليفا، منها في الرسم أحد عشر كتابا، و أصغرها حجما المقنع» .

رسم المصحف، ص 145
و أشهر كتب الداني المعروفة بل من أشهر كتب الرسم على الإطلاق كتاب (المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار) . و قد ورد في آخر الكتاب ما يشير إلى أن له تسمية أخرى حين يقول «تم كتاب الهجاء في المصاحف بحمد اللّه و حسن عونه» . و يبدو أن هذا الاسم لا يعدو عن كونه وصفا لموضوع الكتاب، فإن اسمه المذكور في أغلب المصادر هو (المقنع).
و أشار الداني في المقنع أن له كتابا آخر بيّن فيه علل بعض الرسوم، يقول : «.. و علل ذلك مبينة في كتابنا الكبير»، و قد ذكر ابن عاشر الأنصاري (ت 1040 ه‍) أن أبا محمد عبد اللّه بن عمر الصنهاجي، الشارح الأول لقصيدة (مورد الظمآن) من نظم الخراز (ت 718 ه‍)، قد قال: «سمعت الناظم (يقصد الخراز) مرارا يقول أنهما مقنعان لأبي عمرو، رحمه اللّه، أحدهما أعظم جرما من الآخر، و أظن هذا الذي بأيدي الناس هو الكبير، و هو مفيد في الرسم، عليه اعتمد كثير، و كان يقول: إنه رآه في مقدار أربعين ورقة. انتهى كلام الشارح».
و يبدو أن القول بأن الذي بأيدي الناس هو الكبير غير صحيح إذ إنّ الداني قد أشار فيه إلى أن له كتابا آخر كبيرا، لعله هو المقنع الكبير الذي ذكره الخراز، ثم إن عدد الأوراق المذكور يناسب الكتاب المعروف بأيدي الناس، و لكن هل (المقنع) اسم لكلا الكتابين‌؟ لعل قول اللبيب في مقدمة شرحه للعقيلة أنه طالع على هذا الشرح ثلاثين تأليفا، منها في الرسم عشرة، ثلاثة منها لأبي عمرو الداني هي : المقنع و المحكم و التحبير - يساعد على الجواب، فيكون التحبير هو (الكتاب الكبير)، إلا أن المشهور من كتب الداني هو كتاب (المقنع) الذي نظمه الشاطبي، و كأن كتاب العلل الكبير قد غاب منذ وقت مبكر، فلا نجد عنه إلا هذه الإشارة الموجزة التي لا تساعد في إعطاء حكم محدد حول ذلك، و إلا ما ذكره ابن معاذ الجهني في كتابه

رسم المصحف، ص146
البديع من أنه نقل من كتاب (التحبير) . و لعل المستقبل يجلي حقيقة الأمر بكشف جديد من عزيز تراثنا المخطوط المتناثر في غياهب مكتبات العالم.
و للداني غير المقنع في الرسم كتاب (الاقتصاد) أرجوزة في مجلد .
و له في نقط المصاحف كتاب (المحكم) و كتاب (النقط)، و سنشير إليهما في فصل لاحق عن تكميل الرسم العثماني.
و لأبي محمد عبد اللّه بن سهل بن يوسف (ت 480 ه‍) كتاب (السبل المعارف إلى رسم المصاحف) .
و كان سليمان بن نجاح،أبو داود بن أبي القاسم الأندلسي (ت 496 ه‍)، شيخ القراء و إمام الإقراء، و أخذ القراءات عن أبي عمرو الداني، و لازمه كثيرا، و سمع منه غالب مصنفاته، و أخذ عنه مؤلفاته في القراءات، و هو أجل أصحابه - قد ألف في الرسم كتابا جامعا هو (كتاب التبيين لهجاء التنزيل) في ستة مجلدات ، و قد جرّد من هذا الكتاب كتابا آخر سماه (التنزيل في هجاء المصاحف) .
و ذكر ابن عاشر الأنصاري أن لأبي الحسن علي بن محمد المرادي كتابا في الرسم

رسم المصحف، ص 147
منظوما اسمه (المنصف) أكمله في سنة (563 ه‍)، و هو أحد مصادر الخراز في منظومته (مورد الظمآن) .
و لأبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمداني العطار (ت 569 ه‍) كتاب (اللطائف في رسم المصاحف) .
و نجد بعد هذه المرحلة من التأليف في رسم المصحف أن جهود العلماء قد تركزت و ارتبطت بعملين تعلق بهما الناس و درسوهما، و هما قصيدتان في رسم المصحف . الأولى من نظم القاسم بن فيرة بن خلف الشاطبي (ت في القاهرة 590 ه‍)، و الثانية من نظم محمد بن محمد بن إبراهيم أبي عبد اللّه الشريشي، الشهير بالخراز (ت بفاس 718 ه‍).
و لا يعني ذلك أن الجهود المثمرة قد توقفت عند ذلك الحد بل إن من بين شروح هاتين القصيدتين ما حمل إلينا نصوصا عن مؤلفات مفقودة لولاها ما وصلت إلينا، و كذلك فإن المؤلفات التي كتبت خارج تأثيرهما لم تتوقف، إلا أن الملاحظ على كتابات الفترات المتأخرة أنها أخذت طابع الشروح، ثم اختصار تلك الشروح، في أسلوب يغلب عليه ما غلب على أساليب الفترات المتأخرة، و الحقيقة هي أن الموضوع كان قد اكتملت أبعاده منذ فترة متقدمة فلم يكن أمام المتأخرين إلا التقسيم و التبويب و المقارنة و الوقوف على وجوه الاتفاق و الاختلاف ثم التعليل و التوجيه من خلال تلك الشروح، بهدف عملي و هو الحفاظ على الرسم العثماني أولا، و معرفة صحيح القراءات ثانيا.
أما عمل الشاطبي فهو قصيدته الرائية المسماة (عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد) ، التي نظم فيها مسائل المقنع لأبي عمرو الداني، و زاد عليه أحرفا يسيرة جملتها ست كلمات ، أشار إليها بقوله :

رسم المصحف، ص148
و هاك نظم الذي في مقنع عن أبي عمرو، و فيه زيادات فطب عمرا
و عدة أبياتها مائتان و ثمانية و تسعون بيتا ، كما أشار إلى ذلك بقوله في آخرها:
تمّت عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد للرسم الذي بهرا
تسعون مع مائتين مع ثمانية أبياتها ينتظمن الدّرّ و الدّررا
و القصيدة تبدأ بقوله: الحمد للّه موصولا كما أمرا مباركا طيبا يستنزل الدّررا و قد حظيت (العقيلة) بما حظيت به قصيدة الشاطبي الأخرى التي نظم فيها كتاب (التسير في القراءات السبع) للداني أيضا، و المسماة (حرز الأماني و وجه التهاني) و المشهورة باسم الشاطبية ، من اهتمام العلماء و الدارسين، توالت الشروح على (العقيلة)ف التي تسمى أحيانا (الرائية) ابتداء من شرح تلميذ الشاطبي الإمام علم الدين السخاوي حتى العصر الحاضر .

رسم المصحف، ص 149
و حاكىبرهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري (ت 732 ه‍) الشاطبي فنظم قصيدة لامية في الرسم، كانت عدة أبياتها مائتان و سبعة عشر بيتا، سماها (روضة الطرائف في رسم المصاحف) . و قد أشار فيها إلى أنه نظم فيها العقيلة و زاد عليها بعض المسائل بقوله:
لامية عذبت في عقدها نظمت رائية و ربت مسائلا مثلا
و فعل العلامة محمد بن خليل بن عمر القشيري الأربلي ما فعل الجعبري، فنظم قصيدة في الرسم سماها (واضحة المبهوم في علم المرسوم) ، عدد أبياتها ثلاثمائة و اثنان و ثلاثون بيتا، و أشار إلى ما زاد فيها على العقيلة بقوله:
زادت رسوما على ما في عقيلة أتراب لم ينل فضلا لها الكبرا
و قبل أن نذكر عمل الخراز نشير إلى أن الشيخ أبا طاهر العقيلي إسماعيل بن ظاهر (ت 623 ه‍) له مختصر في رسم المصحف (من أحسن ما ألف في ذلك) .
و كذلك لإبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن وثيق الأندلسي (ت 654 ه‍) رسالة مماثلة في رسم المصحف .
أما نظم الخراز الذي استحوذ على جهود الدارسين في الفترات المتأخرة إلى جانب العقيلة فهو قصيدته في الرسم المسماة (مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن) ، و قد ذكر ابن عاشر الأنصاري للخراز عدة مؤلفات في الرسم منها قصيدته (مورد الظمآن) هذه، و ذكر له نظما آخر سماه (عمدة البيان)، و تأليفا آخر في الرسم مثل (مورد الظمآن) لكنه منثور، و كان الخراز قد نظم قصيدة (عمدة البيان) أولا، و ذيّلها بالضبط

رسم المصحف، ص 150
المتصل بمورد الظمآن اليوم، و عليه بني العدد المذكور في الذيل ، حيث يقول:
عدته أربعة و عشرة جاءت لخمسمائة مقتفرة
لكن الخراز أعاد نظم القسم الخاص بالرسم، و سماه (مورد الظمآن) هو الذي بين أيدي الناس اليوم، و أبقى ما يتعلق بالضبط الذي كان آخر عمدة البيان متصلا بالنظم الجديد، فيكون العدد المذكور و هو خمسمائة و أربعة عشر صحيحا باعتبار عمدة البيان، أما بعد تبديل القسم الخاص بالرسم فهذا العدد غير صحيح، لأن عدة ما في النظم الجديد (مورد الظمآن) أربعمائة و خمسون بيتا، فإذا أضيف هذا العدد إلى عدة أبيات الضبط و هي مائة و أربعة و خمسون كان مجموع ذلك كله ستمائة و ثمانية، و هو يخالف الرقم المذكور في البيت السابق .
و قد اشتهر القسم الخاص بالرسم من نظم الخراز باسم (مورد الظمآن) بينما اشتهر الذيل الخاص بالضبط باسم (ضبط الخراز)، و سنذكر ما يتعلق بالضبط في فصل تال، إن شاء اللّه.
أما جانب الرسم فقد جعله الخراز وفقا لقراءة نافع فيما يخص علاقة القراءة بالرسم من حذف و غيره و اختلاف رسم بعض الحروف . أما مصادر الخراز في هذا القسم فقد جعل عمدته في ذلك (المقنع) لأبي عمرو الداني و (العقيلة) للشاطبي، و ما ذكره أبو داود سليمان بن نجاح في (التنزيل) من زيادات، إضافة إلى بعض الكلمات التي تفرد بذكرها أبو الحسن علي بن محمد المرادي صاحب النظم المعروف (بالمنصف) الذي كمله سنة (563 ه‍)، فجاءت بذلك منظومة الخراز (مورد الظمآن) جامعة لما ورد في أمهات مصادر الرسم، شاملة للمشهور من أوجه الخلاف بين تلك المصادر، فكانت مهيأة لأن تكون الأساس الذي يعتمد عليه في رسم المصاحف على المأثور من رسم المصاحف العثمانية .

رسم المصحف، ص 151
و يصور ابن خلدون (ت 808 ه‍) المنزلة التي بلغتها قصيدة (مورد الظمآن) في عصره في بلاد المغرب، بعد أن ذكر كتب الداني و تلميذه أبي داود الشاطبي في الرسم، حيث يقول : «فنظم الخراز من المتأخرين بالمغرب أرجوزة أخرى زاد فيها على المقنع خلافا كثيرا عزاه لناقليه، و اشتهرت بالمغرب، و اقتصر الناس على حفظها، و ».
و قد تعددت شروح العلماء على مورد الظمآن، و يذكر ابن عاشر الأنصاري أن أول من شرحها هو أبو محمد عبد اللّه بن عمرالصنهاجي تلميذ المؤلف .
و شرحها الشيخ حسين بن علي بن طلحةالرجراجي ، الذي فرغ من ذلك الشرح سنة 842 ه‍ .
و شرح أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن عبد الجليل التنسي (ت 899 ه‍) القسم الخاص بالضبط، الذي سنشير إليه في فصل لاحق. و أشهر شروح (مورد الظمآن) هو شرح عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر الأنصاري (ت بفاس 1040 ه‍)، الذي سماه (فتح المنان المروي بمورد الظمآن) ، و قد أشار في مقدمته إلى المصادر التي اعتمد عليها، و هي تشمل معظم ما مر ذكره من المصادر التي ألفت بعد أن ألف الداني كتابه الشهير (المقنع). و لما كانت قصيدة مورد الظمآن لا تشمل ما تثيره القراءات الأخرى غير قراءة نافع من وجوه الخلاف فقد حاول ابن عاشر تكميل هذا النقص بنظم ذيّل به شرحه لمورد الظمآن حيث يقول : «و هذا تذييل سميته: الإعلان بتكميل مورد الظمآن، ضمنته بقايا

رسم المصحف، ص 152
خلافيات المصاحف في الحذف و غيره مما يحتاج إليها من تخطي قراءة نافع إلى غيرها من سائر قراءات الأئمة السبعة..».
و قام الشيخ إبراهيم بن أحمد المارغني التونسي في العصر الحديث بشرح المورد و الضبط و الإعلان (فرغ منه سنة 1325 ه‍) مستمدا أكثر ذلك من شرح التنسي للضبط و شرح ابن عاشر للمورد، و ما أضافه في الإعلان ، و سماه دليل الحيران شرح مورد الظمآن في رسم و ضبط القرآن(). و قد جعل شرح الذيل الذي كمل به ابن عاشر منظومة الخراز في آخر الكتاب، و سمّاه (تنبيه الخلان إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن) .
و لم تتوقف حركة التأليف في موضوع الرسم عند هذا الحد بل كانت هناك مؤلفات كتبت خارج نطاق العقيلة و المورد، فقد ألف أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان المراكشي الشهير بابن البناء (ت 721 ه‍) كتابا سماه عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل() ، ألفه في توجيه ما خالف قواعد الخط من رسم المصحف .
و ألف الشيرازي محمد بن محمود بن محمد بن أحمد (ت نحو 780 ه‍) كتاب (كشف الأسرار في رسم مصاحف الأمصار) . و قد يظن من اسمه أنه في تعليل مرسوم خط المصاحف، على نحو ما فعل أبو العباس المراكشي في عنوان الدليل، و لكن بعد

رسم المصحف، ص 153
أن اطلعت على صورة لمخطوطة الكتاب وجدت أنه يقتصر على وصف رسم الكلمات في الغالب، و لا يكاد ما ذكره يزيد على ما أورده الداني في المقنع، سوى أنه جعله أبوابا، و حذف الأسانيد و بعض الروايات.
و قد عقد كل من الزركشي (ت 794 ه‍) في البرهان ، و السيوطي (ت 911 ه‍) في الإتقان ، و القسطلاني (ت 923 ه‍) في لطائف الإشارات ، و الدمياطي (ت 1117 ه‍) في الإتحاف ، فصلا أوجزوا فيه ما ورد في كتب الرسم من قضايا و موضوعات و تفريعات .
و توالى التأليف في موضوع الرسم في أواخر القرن الميلادي الماضي و القرن الحاضر، لكن تلك التآليف جاءت في أسلوب يفقد كثيرا من سهولة و شمول المصنفات المتقدمة، و قد جاء بعضها في صورة نظم قام بشرحه آخرون، تقيدوا بألفاظ النظم، و اعتمدوا على المصادر المتأخرة التي يدور معظمها في فلك القصيدتين الرائدتين في الرسم: العقيلة و مورد الظمآن .

رسم المصحف، ص 154
و بينما نجد مؤلفات القرون الأولى في الرسم تقوم على الوصف غالبا، و تحدد طريقة رسم الكلمات فحسب، نجد أن مؤلفات القرون التالية تتخللها محاولات لتعليل صور الكلمات التي وردت في المصحف مخالفة للشائع من القواعد التي قعدها علماء المصرين: الكوفة و البصرة، في فترات لاحقة لتاريخ نسخ المصاحف العثمانية، حتى إن أبا العباس المراكشي ألف (عنوان الدليل) - المشار إليه سابقا - في تعليل تلك الوجوه من الرسم.
أما المنهج الذي جرى عليه الأئمة في إيراد مادة الموضوع في مؤلفاتهم فقد أخذ اتجاهين، الأول: يقوم على تجميع الأمثلة المتشابهة في الموضوع الواحد في فصل معين، و هكذا ينبني الكتاب من مجموعة فصول تشمل كافة أوجه الرسم، و خير مثال على هذا الاتجاه كتاب (هجاء مصاحف الأمصار) لأحمد بن عمار المهدوي، و كتاب (البديع في هجاء المصاحف) لابن معاذ الجهني، و كتاب (المقنع) لأبي عمرو الداني، و كذلك نظم الشاطبي و الجعبري و الاربلي و الخراز في الرسم. يقول الداني - مثلا -: «هذا كتاب أذكر فيه، إن شاء اللّه، ما سمعته من مشيختي و رويته عن أئمتي من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار... و أجعل جميع ذلك أبوابا، و أصنفه فصولا...» فنجد في تلك المؤلفات فصلا عن حذف الحروف الثلاثة: الألف و الواو و الياء، ثم فصلا عن

رسم المصحف، ص 155
زيادة تلك الحروف و آخر عن إبدال حرف مكان حرف، و فصلا عن رسم الهمزة، و فصلا عن القطع و الوصل، و آخر عن رسم تاء التأنيث التي كتبت في بعض المواضع مبسوطة، و هكذا في موضوعات الرسم الأخرى، مع اختلاف في التفصيل أو الترتيب، و مع ملاحظة أن إيراد الأمثلة في الفصل الواحد يغلب أن يجري وفق ترتيب الآيات و السور في المصحف.
و الاتجاه الثاني: هو أن يتتبع المؤلف ظواهر الرسم بادئا بأول المصحف من سورة فاتحة الكتاب منتهيا بآخر سورة فيه، حيث يشير إلى الكلمات التي رسمت بطريقة معينة، بحسب ترتيب الآيات و السور، و كثيرا ما ينص المؤلفون في هذا الاتجاه على مجموع أمثلة الظاهرة عند ورود أول مثال منها، و على ذلك فإن هذه المؤلفات تبدو في أولها - غالبا - أكثر حشدا للأمثلة منها في أجزائها الأخيرة، فتقل بتقدم المؤلف مع الآيات و السور، حيث يكتفي بالإشارة إلى أن هذه الظاهرة قد أشير إليها في موضع سبق، و من أمثلة هذه المؤلفات كتاب (التنزيل في هجاء المصاحف) لأبي داود سليمان بن نجاح الذي لخصه من كتابه الكبير المسمى بالتبيين، يقول في مقدمته: «.. و أسرد لهم القرآن فيه آية آية و حرفا حرفا من أوله إلى آخره» . و منها أيضا كتاب أبي طاهر العقيلي، و كتاب ابن وثيق الأندلسي، و كذلك كتابا (جامع الكلام) و (الهجاء) المجهولا المؤلف، و كثيرا ما يقدم العلماء المؤلفون في هذا الاتجاه لكتبهم قبل تناول الأمثلة على ترتيب الآيات و السور مقدمات تتحدث عن أبواب جامعة في الرسم كما فعل العقيلي و ابن وثيق - رحمهم اللّه جميعا.
و من العرض السابق لأهم مؤلفات الرسم و إشارتنا إلى مصادر العلماء فيها نجد أن أبا عمرو الداني كان أبرز من كتبوا في الموضوع، فقد كان كتابه (المقنع) واسطة، اجتمعت فيه معظم روايات المصادر الأولى، و منه أيضا استمد العلماء الذين ألفوا بعده في الرسم معظم مادتهم، فسيكون - لذلك - المصدر الأول - من بين المؤلّفات التي وصلت إلينا - للأمثلة التي يقوم عليها هذا البحث، و لكن لا ينبغي أن يحرم البحث من الأمثلة الأخرى التي تقدمها مؤلّفات علماء آخرين، مثل كتاب (هجاء مصاحف الأمصار) لأحمد بن عمّار المهدوي، معاصر الداني، فمع أنه كتاب مختصر و يهمل ذكر مصادره

رسم المصحف، ص 156
في أغلب الأحيان إلا أنه يقدم مادة جيدة تعضد أكثر ما أورده الداني في (المقنع). و لن نهمل الفصل المهم الذي أورده أبو عبيد في فضائل القرآن عن اختلاف المصاحف، فهو أقدم مصدر موجود في هذا المجال، كذلك الفصول التي تحدث فيها ابن أبي داود في كتابه (المصاحف) عن رسم المصحف، ثم ما ذكره أبو بكر الأنباري في كتابه (إيضاح الوقف و الابتداء)، فقد أورد مادة ممتازة كانت مصدرا لكثير ممن جاء بعده. إضافة إلى بعض الأمثلة التي تفردت بذكرها بعض المصادر، مثل كتاب أبي طاهر العقيلي و ابن وثيق الأندلسي و غيرهما. و هذه المصادر التي أشير إليها - هنا - هي التي سيعتمد عليها البحث في رصد و وصف الأمثلة التي يقدمها الرسم العثماني، أما مناقشة تلك الأمثلة و محاولة إيجاد التفسير الصحيح لها فإني سأحاول الإفادة من معظم المصادر التي وصلت في الموضوع مطبوعة و مخطوطة، خاصة شروح القصيدتين الرائية و المورد، و في مقدمتها شرح الجعبري للأولى و شرح ابن عاشر الأنصاري للثانية .

‎‏ ‎‏








فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است