الدهریة

بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
علم کلام
فهرست جلسات مباحثه کلام و عقائد
ارزیابی پتانسیل بقاء
مباحث توحید
مباحث معاد
المرجئة


بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏54، ص: 69
بيان ذهبت الدهرية إلى أن العالم قديم زماني و قالوا إن الأشياء دائمة الوجود لم تزل و لا تزال بل بعضهم أنكروا الحوادث اليومية أيضا و ذهبوا إلى الكمون و البروز لتصحيح قدم الحوادث اليومية و أنكروا وجود ما لم تدركه الحواس الخمس و لذا أنكروا وجود الصانع لعدم إدراك الحواس له تعالى و قالوا وجود الموجودات من الطبائع المتعاقبة لا إلى نهاية إذا تقرر هذا فاعلم أن الظاهر أن المطلوب أولا إثبات الحدوث الزماني فإن الظاهر من البدء البدء الزماني و يؤيده قوله و هي دائمة لم تزل و لا تزال.

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 530
[احتجاج الرسول ص و جداله و مناظرته:]
323 و لقد حدثني أبي الباقر ع، عن جدي علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين أنه اجتمع يوما عند رسول الله ص أهل خمسة أديان:
اليهود و النصارى، و الدهرية، و الثنوية، و مشركو العرب.
فقالت اليهود: نحن نقول: عزير ابن الله، و قد جئناك يا محمد لننظر ما تقول فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خصمناك.
و قالت النصارى: نحن نقول، إن المسيح ابن الله اتحد به. و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خصمناك.
و قالت الدهرية: نحن نقول: الأشياء لا بدء لها و هي دائمة، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خصمناك.
و قالت الثنوية: نحن نقول: إن النور و الظلمة هما المدبران، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خصمناك.
و قال مشركو العرب: نحن نقول إن أوثاننا آلهة «1» و قد جئناك لننظر ما تقول فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خصمناك.

...

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 534
ثم أقبل رسول الله ص على الدهرية فقال: و أنتم فما الذي دعاكم إلى القول‏
__________________________________________________
 (1). «تكون البنوة للاختصاص» أ، ط.
 

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 535
بأن الأشياء لا بدء لها- و هي دائمة لم تزل، و لا تزال فقالوا: لأنا لا نحكم إلا بما نشاهد، و لم نجد للأشياء حدثا- فحكمنا بأنها لم تزل و لم نجد لها انقضاء و لا فناء فحكمنا بأنها لا تزال.
فقال رسول الله ص: أ فوجدتم لها قدما، أم وجدتم لها بقاء أبد الآباد فإن قلتم:
إنكم قد وجدتم ذلك- أثبتم «1» لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم- و عقولكم بلا نهاية، و لا تزالون كذلك- و لئن قلتم هذا دفعتم العيان- و كذبكم «2» العالمون الذين يشاهدونكم.
قالوا: بل لم نشاهد لها قدما و لا بقاء أبد الآباد.
قال رسول الله ص: فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم و البقاء دائما لأنكم لم تشاهدوا حدوثها، و انقضاءها- أولى من تارك التميز لها مثلكم، يحكم لها بالحدوث و الانقضاء و الانقطاع- لأنه لم يشاهد لها قدما و لا بقاء أبد الآباد.
أ و لستم تشاهدون الليل و النهار و أحدهما بعد الآخر فقالوا: نعم.
فقال: أ ترونهما لم يزالا و لا يزالان فقالوا: نعم.
قال: أ فيجوز عندكم اجتماع الليل و النهار فقالوا: لا.
فقال ص: فإذا ينقطع «3» أحدهما عن الآخر فيسبق أحدهما، و يكون الثاني جاريا «4» بعده. قالوا: كذلك هو.
فقال: قد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل و نهار «5» لم تشاهدوهما، فلا تنكروا
__________________________________________________
 (1). «اتهمتم» أ. «أنهضتم» الإحتجاج. «أفهمتم» البرهان.
 (2). «و كذبتم» أ، ب، ص.
 (3). «منقطع» أ، س.
 (4). «حادثا» أ، ب، ط.
 (5). قال العلامة المجلسي- رحمه الله- تدرج صلى الله عليه و آله في الاحتجاج فنزلهم أولا عن مرتبة الإنكار إلى مدرجة الشك بهذا الكلام، و حاصله: أنكم كثيرا ما تحكمون بأشياء لم تروها كحكمكم هذا بعدم اجتماع الليل و النهار فيما سبق من الأزمان، فليس لكم أن تجعلوا عدم مشاهدتكم لشي‏ء حجة للجزم بإنكاره.
 

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 536
لله قدرة «1» ثم قال ص: أ تقولون ما قبلكم «2» من الليل و النهار- متناه أم غير متناه فإن قلتم: غير متناه- فكيف «3» وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله و إن قلتم: إنه متناه فقد كان و لا «4» شي‏ء منهما بقديم. قالوا: نعم.
__________________________________________________
 (1). قال المجلسي- رحمه الله- أي فلا تنكروا أن الأشياء مقدورة لله تعالى، و أن الله خالقها أو لا تنكروا قدرة الله على إحداثها من كتم العدم و من غير مادة، ثم أخذ صلى الله عليه و آله في إقامة البرهان على حدوثها و هو يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون إلى آخر الكلام برهانا واحدا، حاصله أنه لا يخلو من أن يكون الليل و النهار أي الزمان غير متناه من طرف الأزل منتهيا إلينا، أو متناهيا من طرف الأزل أيضا، فعلى الثاني فالأشياء لحدوثها لا بد لها من صانع يتقدمها ضرورة فهذا معنى قوله [و سيأتي تباعا]: «فقد كان و لا شي‏ء منهما» أي كان الصانع قبل وجود شي‏ء منهما.
ثم أخذ صلى الله عليه و آله في إبطال الشق الأول بأنكم إنما حكمتم بقدمها لئلا تحتاج إلى صانع، و العقل السليم يحكم بأن القديم الذي لا يحتاج إلى صانع لا بد أن يكون مباينا في الصفات و الحالات للحادث الذي يحتاج إلى الصانع، و العقل السليم يحكم بأن القديم الذي لا يحتاج إلى صانع لا بد أن يكون مباينا في الصفات و الحالات للحادث الذي يحتاج إلى الصانع، مع أن ما حكمتم بقدمه لم يتميز عن الحادث في شي‏ء من التغيرات و الصفات و الحالات، أو المعنى أن ما يوجب الحكم في الحادث بكونه محتاجا إلى الصانع من التركب و اعتوار الصفات المتضادة عليه و كونها في معرض الانحلال و الزوال كلها موجودة فيما حكمتم بقدمه و عدم احتياجه إلى الصانع: فيجب أن يكون هذا أيضا حادثا مصنوعا.
الثاني: أن يكون قوله: (أ تقولون) إلى قوله: (قال لهم أ قلتم) برهانا واحدا بأن يكون قوله: (فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله) إبطالا للشق الأول بالإحالة على الدلائل التي أقيمت على إبطال الأمور الغير المتناهية المترتبة، بناء على عدم اشتراط وجودها معا في إجرائها كما زعمه أكثر المتكلمين، و يكون بعد ذلك دليلا واحدا كما مر سياقه و يمكن أن يقرر ما قبله أيضا برهانا ثالثا على إثبات الصانع بأن يكون المراد بقوله صلى الله عليه و آله: (حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل و نهار) لبيان أن حكمهم بحدوث كل ليل و نهار يكفي لاحتياجها إلى الصانع و لا ينفعكم قدم طبيعة الزمان، فإن كل ليل و كل نهار لحدوثه بشخصه يكفي لإثبات ذلك.
 (2). «تقدم» أ، ص، و البرهان.
 (3). «فقد» الإحتجاج.
 (4). «حادثا فلا» أ.
 

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 537
قال لهم: أ قلتم إن العالم قديم ليس بمحدث- و أنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به، و بمعنى ما جحدتموه قالوا: نعم.
قال رسول الله ص: فهذا الذي نشاهده من الأشياء- بعضها إلى بعض مفتقر، لأنه لا قوام للبعض إلا بما يتصل به، أ لا ترى أن البناء محتاج بعض أجزائه إلى بعض- و إلا لم يتسق، و لم يستحكم، و كذلك سائر ما ترون.
و قال ص: فإذا كان هذا المحتاج- بعضه إلى بعض لقوته «1» و تمامه- هو القديم، فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون و ما ذا كانت تكون صفته قال: فبهتوا [و تحيروا] و علموا أنهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلا و هي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم، فوجموا «2» و قالوا: سننظر في أمرنا.

 

عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج‏2، ص: 239
3- حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال حدثنا أبي عن أحمد بن علي الأنصاري قال: سألت أبا الصلت الهروي فقلت له كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا ع مع إكرامه و محبته له و ما جعل له من ولاية العهد بعده فقال إن المأمون إنما كان يكرمه و يحبه لمعرفته بفضله و جعل له ولاية العهد من بعده ليري الناس أنه راغب في الدنيا فيسقط محله من نفوسهم فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلا ما ازداد به فضلا عندهم و محلا في نفوسهم جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعا في أن يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء و بسببهم يشتهر نقصه عند العامة فكان لا يكلمه خصم من اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و البراهمة و الملحدين و الدهرية و لا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلا قطعه و ألزمه الحجة و كان الناس يقولون و الله إنه أولى بالخلافة من المأمون و كان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك و يشتد حسده له و كان الرضا ع لا يحابي المأمون من حق و كان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله فيغيظه ذلك و يحقده عليه و لا يظهره له فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله فقتله بالسم.

 

                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 34
و هؤلاء أيدك الله هم الدهرية القائلون بأن الدهر سرمدية لا أول له و لا آخر و أن كل حركة تحرك بها الفلك فقد تحرك قبلها بحركة من غير نهاية و سيتحرك بعد بحركة بعدها حركة لا إلى غاية و أنه لا يوم إلا و قد كان قبله ليلة و لا ليلة إلا و قد كان قبلها يوم و لا إنسان إلا أن يكون من نطفة و لا نطفة تكونت إلا من إنسان و لا طائر إلا من بيضة و لا بيضة إلا من طائر و لا شجرة إلا من حبة و لا حبة إلا من شجرة. و أن هذه الحوادث لم تزل تتعاقب و لا تزال كذلك ليس للماضي فيها بداية و لا للمستقبل فيها نهاية و هي مع ذلك صنعة لصانع لم يتقدمها و حكمة من لم يوجد قبلها و أن الصنعة و الصانع قديمان لم يزالا «1» تعالى الله الذي لا قديم سواه و له الحمد على ما أسداه من معرفة الحق و أولاه. و أنا بعون الله أورد لك طرفا من الأدلة على بطلان ما ادعاه الملحدون و فساد ما تخيله الدهريون.
__________________________________________________
- السموات و الأرض إلا ما شاء ربك) و وافقه على انقطاع حركات أهل الخلدين كل من أبي الهذيل العلاف و إبراهيم النظام من المعتزلة.
و قد فات هؤلاء أن حركات أهل الخلدين ليست لذاتها و لنفسها، و إنما بقاؤها بالعرض تابع لوجود المبقي و هو الله الحي الباقي.
و زاد أبو الهذيل و النظام على ذلك أن أهل الخلدين بصيرون إلى سكون دائم جمودا و تجتمع اللذات في ذلك السكون لأهل الجنة، و تجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار.
كل ذلك فرارا من وجود حوادث لا آخر لها كوجود حوادث لا أول لها، إذ كل منهما لا يتناهى.
و قد فاتهما أن السكون كالحركة يلزم منه ما فرا مما يلزمهما في الحركة، و بخاصة أنه أحد الأكوان الأربعة.
و لهشام بن الحكم مناظرة طريفة مع أبي إسحاق النظام حول هذه المسألة، لم يحر النظام معه جوابا. ذكرناها في كتابنا (هشام بن الحكم) انظر ص 215- 216.
 (1) و هذا الرأي منسوب إلى كثير من الفلاسفة الإسلاميين كأبي بكر محمد بن زكريا الرازي الفيلسوف و الطبيب المشهور المولود عام (311 ه).
و خلاصة هذا الرأي ان الصانع متقدم على الصنعة رتبة لا زمانا، كتقدم العلة على المعلول الذي لا يتخلف عن علته الموجبة و قد ترجمنا له في كتابنا (فلاسفة الشيعة)، و عرضنا فيه لرأيه في هذا الموضوع بدراسة وافية.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 35
دليل مما يدل على أن الحوادث الماضية لا بد لها من أول أننا في كل وقت من أوقات زماننا بين آخر ما فيها و أول مستقبلها فقد علمنا لا محالة آخر ما مضى و هو أحد طرفيه. ثم نحن نعلم علما لا نشك فيه أن ما يأتي من مستقبل الحوادث إلى مائة سنة يكثر عدد الماضي و يزيد فيه. فمعلوم أنه قبل الزيادة أقل عددا منه إذا انضمت أي الزيادة إليه و هذا يدل على تناهي عدد ما مضى و حصر طرفيه لأنه لو كان لا نهاية له لم تتصور العقول دخول التكثر فيه. و قد صح بما بيناه أن الحوادث الماضية تصير إلى مائة سنة أكثر عددا مما هي اليوم عليه «1». فبان بهذا تناهيها و صح أولها كما صح آخرها و يبطل مقال الدهرية فيها. معارضة و قد قال الملحدون إن جميع ما ذكرتموه في الماضي عائد عليكم في المستقبل لأنكم تقولون إن أفعال الله تعالى المستقبلة لا آخر لها و مع هذا فقد علمتم أولها و هو أحد طرفيها فيجب أن يكون ما يوجد إلى مائة سنة ينقص منها و إذا دخل النقصان فيها دل على تناهيها و انحصار طرفيها. انفصال فيقال لهم بين الماضي و المستقبل في ذلك فرق و هو أن الحوادث الماضية ليس منها إلا ما كان موجودا قبل مضيه فقد شمل جميعها حكم الوجود فوجب أن يزيد فيها كل ما يخرج إلى الوجود. و ليس المستقبل كذلك لأنها لم توجد و إنما هي في إمكان الفاعل فلا يصح فيها النقض و لا سبيل إلى القول فيها بالتناهي.
__________________________________________________
 (1) يعني به اليوم الذي افترضه.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 36
دليل آخر على تناهي ما مضى‏
و هو أنه قد مضت أيام و ليال و وقفنا اليوم عند آخرها فلا يخلو أن تكون الأيام أكثر عددا من الليالي أو يكون الليالي أكثر من الأيام أو يكونا في العدد سواء. فإن كانت الأيام أكثر من الليالي تناهت الليالي لأنها أقل منها و اقتضى ذلك تناهي الأيام أيضا لبطلان اتصالها قبل الليالي بغير ليال بينها فوجب على هذا الوجه تناهيهما معا. و إن كانت الليالي أكثر من الأيام كان الحكم فيها نظير ما قدمنا من تناهي الأول فتناهي الأيام لزيادة الليالي عليها و يقتضي ذلك تناهي الليالي أيضا لفساد اتصالها قبل الأيام بغير أيام بينها فوجب على هذا الوجه الآخر تناهيهما معا. و إن كانت الأيام و الليالي في العدد سواء كان بمجموعها أكثر عددا من أحدهما بانفراده. و هذا يشهد بتناهيهما إذ لو كان كل واحد منهما في نفسه غير متناه ما تصورت العقول عددا أكثر منه. و قد علمنا أن الليالي مع الأيام جميعا أكثر عددا من أحدهما و هذا موضح عن تناهيهما. و بهذا الدليل نعلم أيضا تناهي جميع ما مضى من الحركات و السكنات و من الاجتماعات و الافتراقات و من الطيور و البيض و الشجر و الحب و ما يجري مجرى ذلك. معارضة قال الملحدون هذا الكلام عائد عليكم في نعيم المؤمنين في الجنة و عذاب الكافرين في النار و قد زعمتم أن كل واحد منهما لا نهاية له و لستم تذهبون إلى أن أحدهما أكثر من الآخر فنخاطبكم بما ذكرتم و لكن نقول لكم إنهما بمجموعهما أكثر عددا من أحدهما و هذا يوجب تناهيهما جميعا و حصرهما.
                        كنز الفوائد، ج‏1، ص: 37
انفصال يقال لهم هذا الذي ذكرتموه لا يصح في المستقبلات و هو لازم لكم في الماضيات لأن الأعداد إذا يضم بعضها إلى بعض بعد وجودها و حصرها و عدد الليل و النهار الماضيات فقد وجدا و انحصرا بالفراغ منهما و الوقوف عند آخرهما فصح ضم بعضها إلى بعض و أمكن ما ذكرنا فيها. و المستقبلات من نعيم أهل الجنة و عذاب أهل النار فأمور متوقعة لم توجد و ليس لها آخر لأنها تكون دائمة بغير انقضاء و ما لم يوجد من العدد فلا يصح فيه ضم بعض إلى بعض و ما يتوقع حدوثه أبدا بغير نهاية لا يكون مثل ما قد حدث و كان و تناهي بإدراك آخره في كل حال. دليل آخر و مما يدل على أن للأفعال الماضية أولا كونها و وجودها و لو لم يكن لها أول ما صح وجودها لأنها كالعدد الذي لا يصح أن يتوالى إلا أن يكون له أول إما واحدا أو جملة يبتدأ بها تقوم مقام الواحد. انفصال «1» قيل لهم لا يجب ذلك من قبل أن المستقبل منوط بقدرة القادر و العاد يصح منه أن يعد ما دام حيا فإذا كان ليس لوجوده آخر صح أن ليس لعدة آخر و مع ذلك فلا بد من أن يكون لعدده أول. دليل آخر و مما يدل على أن الأفعال لا يصح وجودها إلا بعد أن يبتدأ بأولها أنه لو قيل لرجل لا تدخلن دارا حتى تدخل قبلها غيرها لم يصح منه دخول شي‏ء من الدور أبدا و لم يمكن ذلك إلا بأن يبتدأ بواحدة منها.
__________________________________________________
 (1) ورد هذا الانفصال أو الجواب من دون أن يذكر الاعتراض، و هو على الأرجح سقط من قلم الناسخ.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 38
سؤال فإن قالوا هذا يستحيل كما ذكرتم في المستقبل من الأفعال لأنه لا بد للمستقبلات من أول فمن أين لكم أن هذا حكم الماضيات. جواب قيل لهم علمنا ذلك من قبل أن الماضيات قد كانت مستقبلة قبل وجودها و مضيها فلو لم يكن لها أول ما صح وجودها. و بعد فلو رأينا هذا الرجل الذي مثلنا به و هو يدخل دارا بعد دار فقلنا له هل كان بعد دخولك هذه الدور ابتداء حتى يقول لنا لم أبتدئ بدار منها و لا دخلت دارا حتى دخلت قبلها دورا لا تتناهى فعلمنا أنه كاذب فيما ادعى. دليل آخر و مما يدل على تناهي الأفعال الماضية و انحصارها و صحة طرفيها خروجها إلى الوجود على كمالها و فراغ فاعلها منها و كل شي‏ء فعله الفاعل فقد يتوهم منه أن يفعل أمثاله و هذا وجه صحيح يدل على تناهيها و انحصار طرفيها لجواز وجود أكثر منها. معارضة و قد قال الملحدة هذا راجع عليكم في نعيم أهل الجنة لأن الله تعالى يقدر على أمثاله فيتناهى بوجود أكثر منه. انفصال فيقال لهم و متى صحت المماثلة بين الموضعين و الأفعال الماضية قد خرج جميعها إلى الوجود. و نعيم أهل الجنة ليس له جميع يخرج إلى الوجود و إنما يوجد شي‏ء من غير أن يوقف له على وجه آخر من الوجوه. فإن قالوا فقد لزمكم على هذا أن يكون الله تعالى وعد أهل الجنة بنعيم لا يصلون إلى جميعه و لا ينالون سائره.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 39
قيل لهم قد أعلمناكم أنه لا جميع له في الحقيقة و لا سائره إذ ليس له آخر «1» و الذي وعدهم الله به هو نعيم متصل غير منقطع فلو وجد حتى لا يبقى منه شي‏ء ينتظر لكان في الحقيقة لم يف لهم بما وعده. فإن قالوا إن الأفعال الماضية أيضا لا كل لها في الحقيقة لاستحالة حصرها. قيل لهم و لم زعمتم ذلك و قد سلمتم لنا أنها قد دخلت في باب الوجود عن آخرها و اشتمل الحدوث عليها.
مسألة على الملحدة
يقال لهم أخبرونا عن الشمس أ ليس لم تتحرك بحركة حتى تحركت قبلها بحركات لا نهاية لها فإن قالوا بلى قيل لهم فإذا جاز أن تفرغ الحركات التي لا نهاية لها و تحركت الشمس بها كلها حتى تنتهي إلى آخرها فإلا جاز أن تتحرك بالحركات المستقبلة كلها حتى تفرغ منها و تقف عند آخرها و لا يبقى مستقبل بعدها. فإن قالوا إن المستقبلات لا كل في الحقيقة لها. أجابوا بمثل قولنا ثم لم ينفعهم ذلك فيما سألنا لأن الفراغ مما لا نهاية له قد صح عندهم و هو غير صحيح عندنا إذ يلزمهم تقضي المستقبلات حتى توقف عند آخرها. فإن قالوا إن الشمس تتحرك بحركة واحدة باقية دائمة قيل لهم إنه ليس يلزمنا قبول ما لا طريق إلى فهمه و لا سبيل لمدعيه إلى إثبات علمه و هذا الذي زعمتموه دعوى عارية من برهان. و بعد فإنا إذا لم ننازعكم في ذلك نسألكم فنقول أ لستم معترفين بأن الشمس قد دارت الفلك قبل هذه الدورة التي هي فيها دورات لا نهاية لها
__________________________________________________
 (1) في الأصل (أخرى).
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 40
فلا بد لهم من الإقرار بذلك فيقال لهم فقد عاد الأمر إلى الفراغ مما لا نهاية له فما أنكرتم أن تنقضي دوراتها المستقبلة التي تقولون إنها لا نهاية لها و يفرغ منها حتى يقف عند آخرها كما فرغت فيما مضى و هي الآن في آخره فإن قالوا هذا مستحيل في المستقبل و هو صحيح في الماضي. قيل لهم بنظير الكلام المتقدم و هو أن الماضي قد كان مستقبلا فلو استحال أن يصير المستقبل ماضيا لاستحال في الماضي لأنه قد كان مستقبلا.
مسألة أخرى عليهم‏
يقال لهم أ يجوز أن تدور الشمس في المستقبل دورات بعد الدورات الماضية أم لا يجوز ذلك فإن قالوا غير جائز قيل لهم لم زعمتم ذلك و عندكم أنها تدور في المستقبل دورات لا نهاية لعددها أ فليس في ذلك ما يفي بما قد مضى فإن قالوا لا يفي به جعلوا الماضي أكثر من المستقبل و أوجبوا تناهي المستقبل. و إن قالوا إن الشمس ستدور دورات يفي عددها بما مضى أوجبوا تناهي ما مضى و قيل لهم أ فيبقى من المستقبل بعد ذلك بقية فإن قالوا لا أقروا بوجود الأول و الآخر و أوجبوا تناهي الزمان من طرفيه و جعلوا له لدورات الشمس بداية و نهاية و هو خلاف ما ذهبوا إليه. و إن قالوا إنه ستدور دورات يفي بما مضى و يبقى من المستقبل ما لا نهاية له أيضا لم يبق شبهة في تناهي الماضي و صح أوله و بطل مذهبهم في قدمه و الحمد لله.
دليل آخر على أن للأفعال الماضية أولا «1»

مما يدل على ذلك أنه قد ثبت أن كل واحد منها محدث كائن بعد أن لم يكن و لها محدث متقدم عليها فوجب أن تكون جميعها محدثة كائنة بعد أن لم‏
__________________________________________________
 (1) و هذا الدليل من أوضح الأدلة و أرسخها في الموضوع.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 41
تكن و لها محدث متقدم عليها لأن جميعها هو مجتمع آحادها و لا يصح أن يختلف في الجمع و التفريق هذا الحكم فيها. كما أن كل واحد من الزنج بانفراده أسود فالجميع باجتماعهم سود و الحكم في ذلك واحد في الجمع و التفريق. و قد اجتمع معنا على أن جميعها أفعال الفاعل و صنعة الصانع و العقول تشهد بوجوب تقدم الفاعل على أفعاله و سبق الصانع لصنعته و ليس يخالف في ذلك إلا مكابر لعقله. و اعلم أن الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها تقدم الصانع على الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبة لا تقدم زمان فيجب أن نطالبهم بمعنى تقدم الرتبة ليوضحوه فيكون الكلام بحسبه. و قد سمعنا قوما منهم يقولون إن معنى ذلك أنه الفعال فيها و المدبر لها. فسألناهم هل ذلك يدافع عنها حقيقة الحدوث فعادوا إلى الكلام الأول من أن كل واحد من أجزاء الصنعة محدث. فأعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الإقرار بحدوث الكل و طالبناهم بحقيقة المحدث و القديم فلم يجدوا مهربا من أن التقدم و القديم في الوجود على المحدث هو التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون أحدهما موجودا و الآخر معدوما. و ليس أيضا من شرط التقدم و التأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان و الله تعالى متقدم على جميع الأفعال. و ليس أيضا من شرط التقدم و التأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان لأن الزمان نفسه قد يتقدم بعضه على بعض و لا يقال إن ذلك مقتض لزمان آخر. و الكلام في هذا الموضع جليل و من ألحق «1» فيه سقطت عنه شبه كثيرة.
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخة.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 42
و قد كنت اجتمعت في الرملة برجل عجمي يعرف بأبي سعيد البرذعي «1» و كان يحفظ شبها في هذا الباب و كنت كثيرا ما أكلمه و أستظهر بإثبات الحجة عليه فأورد علي شبهة كانت أكبر مما في يديه و تكلمت عليها بكلام لم أقنع به فأحكيه. ثم إني كتبت كتابا إلى بغداد إلى حضرة سيدنا الشريف المرتضى ذي المجدين رضي الله عنه «2» و ذكرت الشبهة فيه فورد إلي جوابه عنها. فأنا أذكر الشبهة و الجواب و ما وجدته بعد ذلك من الكلام في هذا الباب. الشبهة قال الملحد مستدلا على أن الصانع لم يتقدم الصنعة إني وجدت ظاهرهما لا يخلو من ثلاث خصال إما أن تتقدم الصنعة عليه أو أن تتأخر عنه أو أن يكونا في الوجود سواء. و قد فسد باتفاق تقدمها عليه.
__________________________________________________
 (1) ورد ذكر البرذعي في بعض رسائل حمزة بن علي الزوزني الذي يعتبر مؤسس المذهب الدرزي به يبدأ تاريخ الدروز سنة 408 ه أقول ورد ذكر البرذعي في رسالة حمزة السادسة عشرة سنة 408 ه و الرسالة التاسعة عشرة و غيرها باسم أبي منصور البرذعي لا أبي سعيد كما ذكره المصنف و قد يكون أبو سعيد البرذعي الذي لقبه الكراجكي هو نفس أبي منصور البرذعي الوارد ذكره في رسائل حمزة بن علي.
 (2) هو أبو القاسم علي بن أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي المعروف بعلم الهدى، أكبر شخصية شيعية في القرن الرابع الهجري، بالعلم و الفقه و الآثار و الكلام و الأدب و الشعر و غيرها.
كان فقيها انتهت إليه زعامة الإمامية في عصره، كما كان أحد أعمدة علم الكلام و الفلسفة الإسلامية، و الأدب و الشعر و اشتهر بعلم النجوم، و برز في غير ذلك من جوانب المعرفة و الفكر.
و كان حاذقا في المناظرة و الجدل، حاج النظراء و المتكلمين، و ناظر العلماء و المخالفين، و قد عده ابن الأثير من مجددي مذهب الإمامية في رأس المائة الرابعة. و تعتبر آراء الشريف المرتضى و آثاره سجلا كاملا لآراء الشيعية الإمامية و أقوالهم، و في كتبه حفظت عقائدهم و آراؤهم الإسلامية. و له مؤلفات عديدة أبرزها من المطبوع: الشافي و الأمالي و تنزيه الأنبياء، و هو من تلاميذ الشيخ المفيد. ولد في رجب سنة 355 ه و توفي ربيع الأول سنة 436 ه و له في كتابنا (فلاسفة الشيعة) ترجمة بدراسة و إسهاب.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 43
قال و يفسد أيضا تقدمه عليها إذ كان لا يخلو من أن يكون تقدمه بمدة محصورة و تقدير أوقات متناهية أو بمدة غير محدودة و تقدير أوقات غير محصورة. قال و إن كان تقدمها بمدة لا تحد و تقدير أوقات لا تتناهى و تحصر فلا آخر متناه و له أول و آخر فكما أن آخره حدوث الصنعة فكذلك أوله حدوث الصانع و نعوذ بالله من القول بذلك. قال و إن كان تقدمها بمدة لا تحد و تقدير أوقات لا تتناهى و تحصر فلا آخر لهذه المدة كما لا أول لها و إذا لم يكن لها آخر فقد بطل حدوث الصنعة «1». و إن نفيتم الأوقات و الأزمان التي يصح هذا فيها فإنه لا يمكنكم إنكار تقديرها و في التقدير يلزم هذا هنا. قال فهذا دليل على أن الصنعة و الصانع قديمان لم يزالا و الجواب قاله الشريف المرتضى رحمه الله أما الصانع من حيث كان صانعا فلا بد من تقدمه على صنعته سواء أ كان قديما أو محدثا لأن تقدم الفاعل على فعله حكم يجب له من حيث كان فاعلا. و يستوي في هذا الحكم الفاعل القديم و الفاعل المحدث غير أن الصانع القديم يجب أن يتقدم صنعته بما إذا قدرناه أوقاتا و أزمانا كانت غير متناهية و لا محصورة. و لا يجب هذا في الصانع المحدث بل يتقدم الصانع من المحدثين صنعته بالزمان الواحد و الأزمان المتناهية المحصورة. و الذي يدل على أن الصانع لا بد من أن يتقدم صنعته و يستوي في هذا الحكم القديم و المحدث أنه لو لم يتقدم عليها لم تكن فعلا له و حادثة به لأن من‏
__________________________________________________
 (1) لأنه ان كان الصانع متقدما على الصنعة بمدة غير متناهية، فلا يمكن و الحال هذه أن يكون لها آخر، كما لا يمكن حدوث الصنعة، لأن حدوثها يعني تناهي المدة التي فرض عدم تناهيها، و هذا خلف.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 44
شأن الفاعل أن يكون قادرا و لا يقدر على الموجود لأن وجوده يغني عن تعلق القدرة به فهذا يدل على استحالة مصاحبة الفاعل لفعله. فأما تقدم الفعل على فاعله فأظهر فسادا لأن المؤثر في وجود الفعل و حدوثه كون فاعله قادرا فكيف يتقدم المؤثر فيه على المؤثر. و أما تقدم الصانع القديم تعالى على صنعته فيجب أن يكون غير محصور الأوقات و إنما وجب ذلك فيه و لم يجب في الصانع المحدث لكونه قديما لأنه لو كان بين القديم و المحدث أوقات متناهية لخرج من أن يكون قديما و دخل في أن يكون محدثا لأن من شأن القديم أن لا يكون بوجوده ابتداء و تناهي ما بينه و بين الأوقات و بين المحدث يقتضي أن يكون بوجوده أول و ابتداء. فأما ما تضمنه السؤال من التقسيم و التعديل في إفساد تقدم الصنعة على الصانع على الاتفاق على ذلك فغير صحيح لأن مثل هذا لا يعول فيه على الاتفاق بل لا بد أن يعين طريق العلم إما من ضرورة أو استدلال و قد بينا ما يدل على أن الصنعة لا تتقدم الصانع. فأما ما مضى من السؤال من إلزام نفي التناهي و الآخر عن المدة التي تكون بين الصانع و الصنعة كما نفى عنها الابتداء و التناهي من قبل أولها فغير صحيح و لا لازم لأنا قد بينا أنا متى جعلنا بين الصانع القديم و صنعته مدة متناهية الابتداء محصورة لحق القديم بالمحدث و خرج من أن يكون قديما. و إذا جعلناها «1» محصورة الانتهاء لم يجب ذلك فيها و لا أدى إلى ما قد علمنا فساده من كون القديم محدثا و لا إلى غيره من ضروب الفساد فلم يلزم نفي الآخر عن المدة قياسا على نفي الأول. و قد بين شيوخ أهل العدل «2» في كتبهم الفرق بين هذين الأمرين و قالوا
__________________________________________________
 (1) الظاهر سقوط كلمة (غير) هنا، إذ لا يتم المعنى بدونها فتكون الجملة هكذا: و إذا جعلناها غير محصورة الانتهاء لم يجب ذلك فيها.
 (2) المراد بأهل العدل هم المعتزلة و الإمامية الذين يقولون باستحالة صدور الظلم و المنافي منه سبحانه، إما لعدم قدرته عليه كما يقوله المعتزلة أو أكثرهم، و إما لقبح صدوره عنه عقلا مع قدرته عليه كما يقوله الإمامية.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 45
من المستحيل إثبات فاعل لم «1» يزل فاعلا و ليس بمنكر و لا مستحيل إثبات فاعل لا يزال فاعلا و بينوا أن نفي التناهي و الابتداء عن الأفعال من قبل أولها يخرجها من أن تكون أفعالا و ليس نفي التناهي عنها من قبل آخرها يخرجها من أن تكون أفعالا. و ذكروا أن نعيم أهل الجنة و عقاب أهل النار دائمان لا انقطاع لهما و لا آخر و لم يؤد ذلك إلى المحال و الفساد ما أدى إليه نفي التناهي عن الأفعال من قبل أولها. و قالوا ليس بمنكر أن يدخل داخل دارا بعد دار أبدا بغير انقطاع. و من المستحيل المنكر أن يدخل دارا قبل دار أبدا بلا أول. و قد استقصينا نحن هذا الكلام في مواضع كثيرة من كتبنا و ذكرناه في الملخص «2» و غيره من أجوبة المسائل و النقوض على المخالفين. و أما ما تضمنه السؤال من أن هذا يدل على أن الصنعة و الصانع قديمان لم يزالا فمناقضة ظاهرة لأن وصف المتصف بالقدم ينقض كونه صفة كما أن وصف القديم بأنه مصنوع ينقض كونه قديما. و هل هذا إلا تصريح بأن المحدث قديم و القديم محدث و لا خفاء بفساد ذلك. و هل آخر الجواب الوارد إلي من حضرة السيد الشريف المرتضى رضي الله عنه عن هذه الشبهة. و جميع ما تضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم و أول المحدثات أوقات لا
__________________________________________________
 (1) و يفهم من هذه العبارة أن كون الفاعل مرتبطا بما يصدر عنه من أفعال، فإذا كان الفاعل فاعلا منذ الأزل كانت أفعاله منذ الابتداء قديمة معه و تخرج عن كونها أفعالا محدثة، لذلك يستحيل كونها قديمة و بالتالي استحالة أن يكون الفاعل لم يزل فاعلا. على خلاف اثبات فاعل لا يزال فاعلا من حيث الآخر إلى غير نهاية فلا استحالة إذ لا يخرجها ذلك عن كونها أفعالا.
و هذا يتضح من قوله: و بينوا أن نفي التناهي إلخ).
 (2) هو كتاب للشريف المرتضى في الأصول، ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي، و النجاشي، و ابن شهر أشوب.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 46
أول لها فإنما المراد به تقدير أوقات دون أن يكون القصد أوقاتا في الحقيقة لأن الأوقات أفعال. فقد ثبت أن للأفعال أولا فلو قلنا إن بين القديم و أول الأفعال أوقاتا في الحقيقة لناقضناه و دخلنا في مذهب خصمنا نعوذ بالله من القول بهذا. جواب آخر عن هذه الشبهة و قد قال بعض أهل العلم إنه لا ينبغي أن نقول بين القديم و بين المحدث لأن هذه اللفظة إنما تقع بين شيئين محدودين و القديم لا أول له. و الواجب أن نقول إن وجود القديم لم يكن عن عدم. و نقول إنه لو أمكن وجود حوادث بلا نهاية و لم يتناقض ذلك لأمكن أن يفعلها حادثا قبل حادث لا إلى أول فيكون قد وجدت حوادث بلا نهاية. و لسنا نريد بذلك أنه كان قبل أن فعل مدة يزيد امتدادها لأن هذا هو الحدوث و التجدد و هو معنى الزمان و الحركة. فإن قال قائل إنه لا يثبت في الأوهام إلا هذا الامتداد. قيل له ليس يجب إذا ثبت في الوهم أن يكون صحيحا. أ ليس عندكم أنه ليس خارج العالم خلاء و ذلك غير متوهم. ثم يقال لهم أ يثبت في الوهم ذلك مع فرضكم نفي الحركات و التغييرات أم مع فرضكم إثبات ذلك. فإن قالوا مع فرضنا إثبات ذلك قيل لهم فيجب مع نفي ذلك أن لا يثبت هذا التوهم. و إن قالوا يثبت هذا التوهم مع فرضنا نفي ذلك. قيل لهم فقد ثبت في التوهم النقيضان لأن هذا التوهم هو أن ينتقل و يمتد. قال ثم يقال أ رأيتم لو قال لكم قائل ليس يثبت في ذهني موجود ليس في‏
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 47
جهة فيجب أن يكون الباري عز و جل في جهة أ ليس يكون يمكن أن يقال إنما يثبت ذلك في الوهم متى فرضتموه جسما. و أما متى فرضتموه غير جسم و لا متحيز فإنه لا يثبت ذلك في الوهم فهكذا يكون جوابنا لكم. ثم قال هذا المتكلم فإن قالوا فإذا لم تثبتوا مدة مديدة قبل الفعل فقد قلتم إن الباري سبحانه لم يتقدم فعله. قيل بل نقول إنه يتقدم على معنى أن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله و قولنا ثم يترتب «1» على عدم الفعل لا غير. قال و نقول إذا فعل الله سبحانه شيئا إنه يجوز أن يتقدم على معنى أنه يفعله فيكون بينه و بين يومنا من الحوادث أكثر مما هو الآن و ليس الكثرة و التقدم و التأخر راجعا إلا إلى الحوادث دون مدة يقع فيها. ثم تكلم في نفي المدة فقال و الذي يبين أن تقدم الحركات و تأخرها يثبت من دون مدة يقع فيها أنه لا يخلو هذه المدة من أن يكون شيئا واحدا لا امتداد فيه و لا ينقل من حال إلى حال أو يكون فيه تنقل و امتداد. و الأول يقتضي إثبات الزمان على غير الوجه المعقول و يقتضي أن تكون الأشياء غير متقدم بعضها على بعض إذا كان بالأجل تقدمه و تأخره تتقدم الأشياء و تتأخر ليس فيه تقدم و تأخر. فليت شعري أ ثبت التقدم و التأخر بنفسه أم بغيره إن كان يثبت فيه بغيره أدى إلى ما لا نهاية له و إن كان ذلك الزمان متقدما و متأخرا بنفسه من غير أن يكون في شي‏ء متقدم و متأخر فهلا قيل ذلك في الحركات و استغني عن معنى غيرها
__________________________________________________
 (1) لأن كلمة (ثم) من أدوات العطف مع ترتب مدخولها على ما قبلها و لا يلزم أن يكون ما قبلها أمرا وجوديا بل يكفي في صحة الترتب مقارنة مدخولها لما قبله و إن كان عدما.

                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 48
فصل و بيان‏
و هذه الطريقة التي حكيتها هي عندي قاطعة لمادة الشبهة كافية في إثبات الحجة على المستدل و هي مطابقة لاختيار أبي القاسم البلخي «1» لأنه لا يطلق «2» القول بأن بين القديم و أول المحدثات مدة. و يقول إنه أي الصانع تعالى قبلها بمعنى أنه كان موجودا ثم وجدت و هو معنى ما ذكر هذا المتكلم في قوله إن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله فهو على هذا الوجه قبل أفعاله. و اعلم أيدك الله أن العبارات في هذه المواضع تضيق عن المعاني و تدعو الضرورة إلى النطق بما عهد و وجد في الشاهد و إن لم يكن المراد حقيقة في المتعارف و يجوز ذلك إذا كان مؤديا لحقيقة المعنى إلى النفس كقولنا قبل و بعد و كان و ثم فليس المعهود في الشاهد استعمال هذه الألفاظ إلا في الأوقات و المدد. فإذا قلنا إن الله تعالى كان قبل خلقه ثم أوجد خلقه فليس هذا التقديم و التأخير مفيدا لأوقات و مدد و قد يتقدم بعضها على بعض بأنفسها من غير أن يكون لها أوقات أخر. و كذلك ما يطلق به اللفظ من قولنا إن وجود الله قبل وجود خلقه. فليس الوجود في الحقيقة معنى غير الموجود و إنما هو اتساع في القول و المعنى مفهوم معقول. و قد سأل أبو القاسم البلخي نفسه فقال إن قال قائل أخبرونا عن أول فعل فعله الله تعالى أ كان من الجائز أن يفعل قبل غيره‏
__________________________________________________
 (1) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي توفي سنة (317 ه) و هو من زعماء المعتزلة و شيوخهم و رأس طائفة منهم يقال لها الكعبية، و هو أستاذ أبي جعفر محمد بن عبد الرحمن المتكلم الشيعي المعروف (بابن قبة). و للبلخي مؤلفات عديدة منها كتاب (عيون المسائل و الجوابات) ذكره المسعودي في مروج الذهب ج ص 151. و لأبي القاسم البلخي آراء كلامية تنقل عنه في كتب الكلام و الفرق.
 (2) في الأصل (و القول) و يبدو أن الواو فيها زائدة.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 49
و أجاب عن ذلك فقال هو جائز بمعنى أن يكون لم يفعله و فعل غيره بدله و فعله هو فأما غير ذلك فلا يجوز لأنه يؤدي إلى المحال. و في هذا القدر كفاية في الكلام على الملحدة الدهرية و الحمد لله‏
مسألة في تأويل خبر
إن سأل سائل فقال ما معنى‏
قول النبي ص في الخبر المروي عنه لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر.
الجواب قيل له الوجه في ذلك أن الملحدين و من نفى الصانع من العرب كانوا «1» ينسبون ما ينزل به من أفعال الله تعالى كالمرض و العافية و الجدب و الخصب و الفناء إلى الدهر جهلا منهم بالصانع جلت عظمته و يذمونه في كثير من الأحوال من حيث اعتقدوا أنه الفاعل بهم هذه الأفعال فنهاهم النبي ص عن ذلك و قال لهم لا تسبوا من فعل بكم هذه الأفعال ممن يعتقدون أنه هو الدهر فإن الله تعالى هو الفاعل لهذه الأفعال و إنما قال إن الله هو الدهر من حيث نسبوا إلى الدهر أفعال الله تعالى. و قد حكى الله تعالى عنهم قولهم ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر و قال لبيد «2»
__________________________________________________
 (1) في الأصل (كما) و اتساق الكلام يقتضي أن يكون كما ذكرنا.
 (2) هو لبيد بن ربيعة الشاعر الجاهلي المشهور الذي أدرك الإسلام و أسلم توفي سنة (40 ه) و (660 م) و هو صاحب احدى المعلقات السبع التي أولها
         عفت الديار محلها فمقامها             بمنى تأبد غولها فرجامها
 و له أمثال شعرية سائرة.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 50
         في قروم سادة من قومه             نظر الدهر إليهم و ابتهل‏
 أي دعا عليهم «1». قصيدة في الآداب و الأمثال لابن دريد «2»
          ما طاب فرع لا يطيب أصله             حمى مؤاخاة اللئيم فعله‏
             و كل من آخى لئيما مثله             من يشتكي الدهر يطل في الشكوى‏
             فالدهر ما ليس عليه عدوى             مستشعر الحرص عظيم البلوى‏
             من أمن الدهر أتى من مأمنه             لا تستثر ذا لبد «3» من مكمنه‏
             و كل شي‏ء يبتغى من معدنه             لكل ناع ذات يوم ناعي‏
             و إنما السعي بقدر الساعي             قد يهلك المرعي عنف الراعي‏
             من يترك القصد تضق مذاهبه             دل على فعل امرئ مصاحبه‏
             لا تركب الأمر و أنت عائبه             من لزم التقوى استبان عدله‏
             من ملك الصبر عليه عقله             نجا من العار و بان فضله‏

__________________________________________________
 (1) تجد الكلام على ذلك في أمالي المرتضى ج (1) ص 45.
 (2) في الأصل (لابن دريده) و هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (223- 321 ه) من مشاهير علماء الأدب و اللغة و الشعر، و هو شاعر، له ديوان شعر، و عده ابن شهرآشوب من شعراء أهل البيت، و ذكر من شعره قوله.
         أهوى النبي محمدا و وصيه             و ابنيه و ابنته البتول الطاهرة
             أهل الولاء فاني بولائهم             أرجو السلامة و النجا في الآخرة
 و له مؤلفات عديدة منها كتاب الجمهرة في اللغة، و له مقاطيع محبوكة الطرفين، و قصيدة في المقصور و الممدود، و المقصورة المشهورة التي تبلغ حوالي مائتي بيت، و هو أستاذ لجماعة من العلماء منهم أبو سعيد السيرافي و أبو عبد الله المرزباني، و قد مات هو و أبو هاشم الجبائي في يوم واحد، فقال الناس يموت ابن دريد و أبو هاشم. انظر الفهرست ص 91- 92 و الأمل قسم (2) ص 62.
 (3) صفة للأسد.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 51
         يجلو اليقين كدر الظنون             و المرء في تقلب الشئون‏
             حتى توفاه يد المنون             يا رب حلو سيعود سما
             و رب حمد تحوز ذما             و رب روح «1» سيصير هما
             من لم تصل فارض إذ حباكا             و أوله حمدا إذا قلاكا
             أو أوله منك الذي أولاكا             ما لك إلا عليك مثله‏
             لا تحمدن المرء ما لم تبله             و المرء كالصورة لو لا فعله‏
             يا ربما أدرئت اللجاجة             ما ليس للمرء إليه حاجة
             و ضيق أمر يبتغي انفراجه             ليس يقي من لم يق الله الحذر
             و ليس يقدر امرؤ على القدر             و القلب يعمى مثلما يعمى البصر
             كم من وعيد يخرق الآذانا             كأنما يعنى به سوانا
             أصمنا الإهمال بل أعمانا             ما أفسد الخرق و ساء الرفق‏
             و خير ما أنبأ عنك الصدق             كم صعقة دل عليها البرق‏
             لكل ما يؤذي و إن قل ألم             ما أطول الليل على من لم ينم‏
             و سقم عقل المرء من شر السقم             أعداء غيب إخوة التلاقي‏
             يا سوأتا لهذه الأخلاق             كأنما اشتقت من النفاق‏
             أنف الفتى و هو صريم أجدع «2»             من وجهه و هو قبيح أشنع‏
             هل يستوي المحظوظ و المضيع‏


__________________________________________________
 (1) الراحة و الرحمة.
 (2) الصريم و الأجدع بمعنى واحد و هو الأقطع.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 52
         ما منك من لم يقبل المعاتبة             و شر أخلاق الفتى المؤاربة
             ينجيك مما نكره المجانبة             متى تصيب الصاحب المهذبا
             هيهات ما أعسر هذا المطلبا             و شر ما طالبته ما استصعبا
             أف لعقل الأشمط النصاب             رب معيب فعله عياب‏
             ذم الكلام حذر الجواب             لكل ما يجري جواد كبوة
             ما لك إلا إن قبلت عفوه             من ذا الذي يسقيك عفوا صفوه‏
             لا يسلك الشر سبيل الخير             و الله يقضي ليس زجر الطير
             كم قمر عاد إلى قمير             لم يجتمع جمع لغير بين‏
             لفرقه كل اجتماع اثنين             يعمى الفتى و هو البصير العين‏
             الصمت إن ضاق الكلام أوسع             لكل جنب ذات يوم مصرع‏
             كم جامع لغيره ما يجمع             ما لك إلا ما بذلت مال‏
             في طرفة العين يحول الحال             و دون آمال الفتى الآجال‏
             كم قد بكت عين و ليس تضحك             و ضاق من بعد اتساع مسلك‏
             لا تبرمن أمرا عليك يملك             خير الأمور ما حمدت غبه‏
             لا يرهب المذنب إلا ذنبه             و المرء مقرون بمن أحبه‏
             كل مقام فله مقال             كل زمان فله رجال‏
             و للعقول تضرب الأمثال             دع كل أمر منه يوما تعتذر
             عف كل ورد غير محمود الصدر             لا تنفع الحيلة في ماضي القدر

                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 53
         نوم امرئ خير له من يقظة             لم يرضه فيه الكرام الحفظة
             و في صروف الدهر للمرء عظة             مسألة الناس لباس ذل‏
             من عف لم يسأم و لم يمل             فارض من الأكثر بالأقل‏
             جواب سوء المنطق السكوت             قد أفلح المبتدئ الصموت‏
             ما حم «1» من رزقك لا يفوت             في كل شي‏ء عبرة لمن عقل‏
             قد يسعد المرء إذا المرء اعتدل             ترجو غدا و دون ما ترجو الأجل‏
             من لك بالمحض و ليس محض             يخبث بعض و يطيب بعض‏
             و رب أمر قد نهاه النقض             كم زاد في ذنب جهول عذره‏
             ذا مرض يعنى عليك أمره             يخشى امرؤ شيئا و لا يضره‏
             يا رب إحسان يعود ذنبا             و رب سلم سيعود حربا
             و ذو الحجى يحمل إن أحبا             قد يدرك المعسر في إعساره‏
             ما لم يبلغ الموسر في إيساره             و ينتهي الهاوي إلى قراره‏
             الشي‏ء في نقص إذا تناها             و النفس تنقاد إلى رداها
             مذعنة يحتث سائقاها             الناس في فطرتهم سواء
             و إن تساوت بهم الأهواء             كل بقاء بعده فناء
             لم يغل شي‏ء و هو موجود الثمن             مال الفتى ما قصه لا ما احتجن‏
             إذا حوى جثمانه ثرى الجبن‏


__________________________________________________
 (1) حم: قدر.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 54
         المال يحكي الغي في أثقاله             و إنما المنفق من أمواله‏
             ما غمر الخلة من سؤاله‏

          من لاح في عارضة القتير «1»             فقد أتاه بالبلى النذير
             ثم إلى ذي العزة المصير             رأيت غب الصبر مما يحمد
             و إنما النفس كما تعدد             و شر ما يطلب ما لا يوجد
             إن اتباع المرء كل شهوة             ليلبس القلب لباس قسوة
             و كبوة العجب أشد كبوة             من يزرع المعروف يحصد ما رضي‏
             لكل شي‏ء غاية ستنقضي             و الشر موقوف لدى التعرض‏
             لا يأكل الإنسان إلا ما رزق             ما كل أخلاق الرجال تتفق‏
             هان على النائم ما يلقى الأرق             من يلذع الناس يجد من يلذعه‏
             لسان ذي الجهل وشيكا يوقعه             لا يعدم الباطل حقا يدمغه‏
             كل زمان فله نوابغ             و الحق للباطل ضد دامغ‏
             لا يغصك المشرب و هو سائغ             رب رجاء قص من مخافة
             و رب أمن سيعود آفة             ذو النجح لا يستبعد المسافة
             كم من عزيز قد رأيت ذلا             و كم سرور مقبل تولى‏
             و كم وضيع شال فاستقلا             لا خير في صحبة من لا ينصف‏
             و الدهر يجفو أمره و يلطف             و الموت يفني كل عين تطرف‏

__________________________________________________
 (1) القتير هو الغبار و أراد به هنا الشيب مجازا.
                       

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 55
         رب صباح لامرئ لا يمسه             حتف الفتى موكل بنفسه‏
             حتى يحل في ضريح رمسه             إني أرى كل جديد بالي‏
             و كل شي‏ء فإلى زوال             فاستشف من جهلك بالسؤال‏
             آن رحيلا فأعد الزادا             آن معادا فاحذر المعادا
             لا يملك العمر و إن تمادى             إنك مربوب مدين تسأل‏
             و الدهر عن ذي غفلة لا يغفل             و كلما قدمته محصل‏
             حتى يجي‏ء يومك المؤجل‏

 



























فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است